منذ أن عرفت مصر التليفون المحمول في عام1995 بدأته هيئة الاتصالات السلكية واللاسلكية. فهمنا وقتها أن خطوط التليفون المحمول ستظل في حوزة الدولة ممثلة في هيئة الاتصالات وان أرباح بيع وتشغيل خطوط المحمول ستصب في خزانة الدولة واستبشرنا خيرا. ولكن مالبثت أن جاءت الرياح بمالا تشتهي السفن واجتاح إعصار الخصخصة المشبوه ماأنفقته الهيئة ويزيد علي80 مليون جنيه باسعار التسعينيات في بناء البنية التحية لشبكة المحمول واعطتها علي طبق من فضة الي شركات خاصة بكثير من المجاملات وعلامات الاستفهام التي لم يحاول جهاز رقابي واحد البحث فيها والاجابة عنها وهي اسئلة مشروعة لاتسقط بالتقادم. وأخيرا أفاقت الدولةممثلة في الشركة الوطنية للاتصالات والتي ورثت هيئة الاتصالات السلكية واللاسلكية واخذت بزمام المبادرة في إنشاء شبكة اتصالات للمحمول والتليفون الثابتبأحدث تكنولوجيا حتي يدخل حصيلة ارباحها لخزينة الدولة, بعيدا عن جيوب اصحاب الشركات الخاصة, وقد رأينا وضعا مأساويا بكل المقاييس فقد ذهبت ارباح شركتين خاصتين الي بنوك الخارج ولم تستفد منها مصر بمليم واحد وتقدر هذه الارباح من1996 وحتي2017 ب55 مليار دولار وكله بالقانون, فالعقد القانوني بين وزارة الاتصالات وهاتين الشركتين ينص علي حقهما في تحويل أرباحهما الي الشركتين الام في الخارج. ألم يسأل عاقل في وزارة الاتصالات لماذا تتصارع الشركات الاجنبية علي الاستثمار في خطوط المحمول ولاتذهب مثلا للاستثمار في مشروع المليون ونص المليوان فدان الذي أعلن عنه الرئيس السيسي ؟ الاجابة ببساطة أن الاستثمار في المحمول تكاليفه قليلة بالنسبة لعوائده وأرباحه طائلة وجني الارباح فوري بدون انتظار طويل, اما إذا ذهبوا لاستصلاح الاراضي الصحراوية فان نفقاتها عالية وجني ارباحها علي الاقل بعد خمس سنوات ورأس المال الأجنبي لاوقت عنده للانتظار, انتبهت الحكومة بعد21 سنة وطرحت من خلال الشركة الوطنية للاتصالات احدث شبكة لتشغيل المحمول والتليفون الثابت وخدمات الانترنت فائق السرعة. واستطاع فريق عمل من ابناء مصر المخلصين في إنجاز هذا العمل الضخم في وقت قياسي وفي صمت شديد حتي اكتمل البناء واعلن الفريق طرح هذاالانجاز علي المواطنين وتدخل ارباحه خزينة الدولة. تمكن هذا الفريق من شباب المصريين الذين يحملون أعلي الشهادات العلمية في إنجاز الشبكة في وقت قياسي اشاد به عدد من الهيئات الدولية المتخصصة في الاتصالاتليثبتوا أن المصري يستطيع التحدي والإنجاز ففي اصعب الظروف وبأقل التكاليف. وفي النهاية أود أن أقول لانستطيع أن نفعل شيئا مع الشركتين الاجنبيتين اللتين امتصتا دماء المصريين علي مدي21 عاما وحولتا مليارات الدولارات من جيوبهم إلي حسابات الشركتين الأم بالخارج. لانهما تعاقدتا مع الحكومة والعقد شريعة المتعاقدين ولكن الواجب الوطني علي كل مصري أن يدعم شركته الوطنية التي تصب أرباحها في خزينة الدولة وتعود بالنفع عليه في النهاية فضلا عن انها تقدم خدمات تكنولوجية احدث بكثير تحية لفريق الشباب الوطني الذي حقق هذا الانجاز.