رغم مرور نحو خمس سنوات من التباغض والتناحر والتخطيط لإراقة الدماء, والسقوط في دوامة لا نهاية لها من جحيم الثأر, احتكم الكبار إلي صوت العقل, وأغلقوا جميع منافذ الشيطان, لبث الفتنة والكراهية فيما بينهم, استنادا إلي تاريخ يجمعهم من الجوار والمصاهرة والمودة والمحبة, وكل معاني الاحترام.. وبالفعل كلل الله مساعيهم بالنجاح; فما إن تم تقديم الكفن من عائلة القاتل إلي أبناء عائلة القتيل, حتي انتهي النزاع, وأطفئت النيران, وعادت المياه إلي مجراها الطبيعي. فقد أسدل أمس, الستار علي الخصومة الثأرية بين عائلتي تعيلب وفيض الله, من قرية شعلان, مركز يوسف الصديق, بمحافظة الفيوم,بفضل جهود الحكماء وأيضا برعاية مدير أمن الفيوم, اللواء خالد شلبي, ومدير المباحث الجنائية, اللواء حسام فوزي, ورئيس مباحث المركز, الرائد أحمد شريف, إضافة إلي جهود أعضاء البرلمان وعدد من القيادات التنفيذية والشعبية وقد حضر مراسم الصلح أيضا اللواء حسن موافي نائبا عن محافظ الفيوم واللواء أحمد حجازي نائبا عن مدير الأمن. وتعود تلك الخصومة إلي العام2012 م, حيث كانت هناك علاقة بين المتهم أحمد سالم عبدالله تعيلب, والمجني عليه عصام فيض الله علي فيض الله, باعتبارهما من أبناء قرية واحدة.. وفي إطار علاقتهما القائمة علي الصداقة,اقترض المجني عليه من المتهم مبلغا ماليا مقداره تسعة آلاف جنيه, وقد تعثر المجني عليه في سدادها. وفي يوم الخامس من شهر ديسمبر للعام2012 م, تلاقيا وأمضيا بعض الوقت معا, وفي أثناء سهرهما وتسامرهما, طلب أحمد سالم تعيلب من عصام فيض الله,سداد الدين,ووعده بالاستجابة, صبيحة اليوم التالي.. وبعد الانتهاء من السهرة, اصطحب عصام فيض الله صديقه وابن قريته للمبيت معه في مسكنه رقم48 شارع شعبان أبوزيد المتفرع من شارع الوفاء والأمل, بدائرة قسم الهرم, بمحافظة الجيزة, وفي الصباح, استيقظ المتهم أحمد سالم, ودار حوار بينه وبين المجني عليه عصام فيض الله, تطور لمشادة كلامية; فثارت ثائرة المتهم, واستل سكينا كان في حوزته, وطعن المجني عليه طعنه واحدة, استقرت في الجزء العلوي من الصدر من الناحية اليسري, علي النحو الوارد بتقرير الصفه التشريحية, ولم يقصد المتهم من ذلك قتلا, ولكن الضرب أفضي إلي موت المجني عليه. وهرب المتهم ولكن أهله أمسكوا به في اليوم التالي,وأحيل إلي المحكمة المختصة, والتي عاقبته بالحبس سبع سنوات, وقبل الانتهاء من إجراءات الإفراج عنه, تواصل أهل الخير بين العائلتين; من أجل إنهاء تلك الخصومة. وقد قوبلت تلك المبادرة الطيبة من جانب العائلتين بالترحيب; حيث أجمع الطرفان علي أن ماحدث كان أمرا عارضا,وحالة فردية, وأن العائلتين أبناء قرية واحدة, وأنهم جميعا أهل وجيران, وتوصل الوسطاء إلي توقيع اتفاق بين العائلتين أو بمعني أدق شرط ميعاد. وتم الاتفاق علي يقام سرادق كبير بمدرسة الظهير الصحراوي, بقرية وادي الريان يوسف الصديق,أمسفي تمام الحادية عشرة صباحا, بحضور القيادات الأمنية والتنفيذية والشعبية, ورجال الدين من الأزهر والأوقاف, وأعضاء مجلس الشعب, ولفيف من القيادات وكبار العائلات والعمد والمشايخ, وتم تقديم الكفن من أحد أبناء تعيلب,إلي عائلة فيض الله..وهكذا تنتهي تلك المشكلة من جذورها فورا بقبول الكفن; ليعود الود والمحبة والتسامح والتآلف بين أبناء قرية شعلان, التي يعيش فيها الجميع علي أساس أنهم عائلة واحدة.