توالت الأعاصير والزلازل وحرائق الغابات والجفاف في الشهرين الأخيرين في جميع القارات; واشتدت حدتها وسخونتها أكثر من أي وقت مضي; وبينما أطلق علي الأعاصير الأسماء الجميلة المختلفة مثل هارفي وايرما وماريا, إلا أنها لم تستأنس بل قتلت في ركابها المئات وتركت وراءها الدمار الكامل علي كل المستويات المادية والنفسية. ومازال هناك من يتصور أن فكرة ارتفاع درجات الحرارة والتغيير الذي أصاب المناخ أكذوبة كبيرة; وأن تكاثر المصانع التي تسبب تزايد تصاعد ثاني أكسيد الكربون واستخدامات الفحم كطاقة, ليس لها أي دور في التدهور المناخي. ومازال أصحاب الشركات والمصانع وكبار رجال الاعمال يتصورون أن التدهور المناخي الذي يتسببون فيه لن يؤثر فيهم كبشر. ولكن الآن جاء الوقت لكي نفكر جديا في المناخ والتغيير الذي أصابه لأن الدمار الذي سيخلفه سوف ينالنا جميعا, الأغنياء والفقراء, علي مستوي الأفراد, وكذلك علي مستوي الدول, وخاصة بعد أن أصبحت كلمات مثل غير مسبوق أو لأول مرة منذ عشرات السنين تتردد بعد تغطية الكوارث الطبيعية التي شاهدناها في الأسابيع القليلة الماضية. وإن كان الخبراء ورجال الاعمال يؤكدون أن الكوارث الطبيعية جزء من الطبيعة التي شهدها التاريخ, الا أن خبراء التغيير المناخي, مثل نعومي كلاين, صاحبة كتاب هذا يغير كل شيء.. الرأسمالية ضد المناخ, تري أنه إن كانت الكوارث الطبيعية طبيعية إلا أنها تحولت الي مأساة إنسانية, وما حركها وصعدها هو عدة أشياء أولها التغيير الذي حدث في المناخ خلال السنوات الأخيرة; وثانيها المصانع العديدة التي تبث سمومها بشكل غير متوازن بحيث يعاني منها الفقراء وأحياؤهم; وثالثها الفقر, الذي يمنع المرء الذي لا يملك سيارة من الهروب من أمام الكارثة الطبيعية; ورابعها العنصرية التي تمنع المهاجرين من الوصول بسلامة شواطئ آمنة. وما لا يدركه البعض, خاصة هنا في مصر, التي تعتبر الي الآن بعيدة عن الكوارث الطبيعية المدمرة, هو أن أي خلل في أي منطقة سوف يؤدي بلا شك الي خلل في المنظومة كلها, وإن كنا في مصر لا نشعر بهذا التغيير المناخي بإستثناء ارتفاع درجات الحرارة وامتداد الصيف الحار الرطب من شهر مايو تقريبا الي أكتوبر, وربما أكثر من ذلك, إلا أن ذلك لا يعني أننا لن نعاني منه في المستقبل, وقد يتسبب في جفاف الأمطار في منابع النيل, وهو ما سوف يعني القضاء علينا تماما كدولة تعتمد علي مياه النيل في حياتها. خاصة واننا لم نعد دولة منتجة. إن الأعاصير والزلازل والحرائق والجفاف في أمريكا والكاريبي وأوروبا وآسيا وأفريقيا هي أجراس الإنذار الذي يجب علينا جميعا أن نستمع اليه وننصت له حتي لا تتحول ظاهرة ارتفاع درجات الحرارة وسخونة صيف, الي كارثة طبيعية, وتتحول الكارثة الطبيعية الي مأساة إنسانية هنا في مصر; لأننا هنا في مصر لن نتحمل المأساة الإنسانية.