لا يمكن لأحد أن ينكر الدور البارز للتكتلات الاقتصادية في قيادة دفة الاقتصاد الدولي وتوجيه الاستثمارات العالمية في الاتجاه الذي ترغب تلك التكتلات التعاون معه أو السعي لدعمه وتعزيزه وبالطبع فإن العلاقات السياسية تلعب الدور الرئيسي في تلك التوجهات والتوازنات في ظل ما تشهده الساحة الدولية من صراعات وخلافات في الكثير من مناطق العالم شرقا وغربا وشمالا وجنوبا. ولذا فإن ما يقوم به الرئيس عبدالفتاح السيسي من جولات خارجية ولقاءات دولية رفيعة المستوي كما حدث هذا الأسبوع خلال حضوره فاعليات قمة البريكس في مدينة شيامن في الصين يؤكد وجود إستراتيجية مصرية واضحة الملامح لكيفية التعاطي مع تلك التكتلات الدولية الهامة سياسيا واقتصاديا خاصة وأن التواجد المصري في تلك التجمعات يعتبر فرصة كبيرة لطرح الرؤية المصرية تجاه القضايا الدولية والاقليمية في ظل التوتر الكبير الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط والدور المحوري الذي تقوم به مصر في وقف تلك الصراعات والتعويل الدولي علي هذا الدور بصورة دفعت الصين وهي القوة الاقتصادية الثانية في العالم أن تدعو مصر للمرة الثانية لحضور اجتماعات تكتل دولي هام حيث كانت المرة الأولي العام الماضي لحضور قمة العشرين والثانية هذا الأسبوع لحضور قمة البريكس. ولا شك أن تلك الدعوة الصينية تعكس التقدير الصيني للدور المصري وقوة ومتانة علاقات البلدين علي جميع المستويات وهو ما بدا واضحا خلال محادثات القمة التي جمعت الرئيسين السيسي ونظيره الصيني شي جين بينج علي هامش اجتماعات البريكس حيث تناولن المشاورات جميع الملفات بين البلدين في جميع المجالات سعيا لدعمها وتعزيز آواصر التعاون الاقتصادي بصورة كبيرة في ظل اقتناع بكين بقدرات مصر الاقتصادية الواعدة في الكثير من المجالات والمناطق خاصة المنطقة الاقتصادية لقناة السويس والعاصمة الادارية الجديدة بالاضافة إلي سعي الصين للدفع بمزيد من الاستثمارات من كبري الشركات الصينية للقاهرة وهو ما سعي إلي دعمه الرئيس السيسي خلال لقائه رؤساء و ممثلي كبريات الشركات الصينية. ولا يمكن إغفال أهمية اللقاءات الثنائية التي أجراها الرئيس مع كل من نظيره الروسي فلاديمير بوتين والتي تناولت وبوضوح الرغبة المصرية في زيادة التبادل الاقتصادي وعودة السياحة الروسية بالاضافة إلي ملف الضبعة النووي والذي شارف عقده علي البدء حيث من المنتظر حضور بوتين للقاهرة لحضور مراسم توقيع العقد الرسمية وهو ما يؤكد عمق علاقات الجانبين وسعيهما لتجاوز حادث طائرة شرم الشيخ الذي ألقي بظلاله علي العلاقات منذ فترة ليست قصيرة. وفي السياق ذاته جاء لقاء السيسي مع نظيره الجنوب أفريقي جاكوب زوما ليؤكد التوجهات المصرية للقارة السمراء ويوضح التنسيق المصري الجنوب أفريقي فيما يتعلق بقضايا القارة الأفريقية المشتركة سواء تجاه أجندة التنمية الأفريقية2063 والي تتنبناها القارة داخل اجتماعات الاتحاد الأفريقي والتي تلعب مصر وجنوب أفريقيا دورا محوريا في تحريك تلك القضايا في الاتجاه الصحيح وأيضا السعي إلي دعم التعاون مع الدول الكبري وفي مقدمتها الصين من خلال منتدي التعاون الصيني الأفريقي وتفعيل الاتفاقيات العديدة الموقعة مع الجانب الصين خاصة ما يرتبط منها بالتنمية الاقتصادية و دفع مسار اقامة طريق القاهرة كيب تاون لربط شمال القارة بجنوبها وبالتالي تسهيل حركة تنقل الافراد والتجارة داخل القارة والتغلب علي العوائق العديدة التي تقف حائلا أمام تعزيز وتحقيق التكامل الاقتصادي بين دول القارة السمراء. ويقينا فإن زيارة الرئيس السيسي للصين وحضوره قمة البريكس يصب في خانة سعي القيادة السياسية لوضع مصر علي الخريطة العالمية سياسيا واقتصاديا في عالم بات لا يعترف إلا بالاقوياء فقط. [email protected]