يأخذني الإشفاق بعيدا وأنا أتأمل لمحات الحزن العميق والألم الشديد التي تكسو أسارير وجه الأخ والصديق الفنان الكبير عزت العلايلي إثر رحيل حبيبة القلب ورفيقة العمر الزوجة الغالية أم محمود يرحمها الله وبنفس القدر أحس بالسعادة تملأ قلبي وأنا أشاهده ملء السمع والبصر محاطا بالحب والإخاء من آلاف الجماهير من أبناء الشقيقة الجزائر يتقدمهم وفي لقتة مميزة تدل علي التقدير والاحترام للفن والفنان وزير الشباب ووالي وهران وكوكبة من المسئولين في وزارة الثقافة الجزائرية, وقد هبوا جميعا ليقدموا للفنان الكبير درع مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي تسبقهم تغاريدهم للنجم الكبير مقرونة بكلمات تعبر عن اقتدار العلايلي كونه نجما ساطعا في سماء الفن, رصع مشواره في مختلف الوسائط الفنية من سينما ومسرح وإذاعة وتليفزيون بعطاء باذخ, مسطرا به تاريخا من الإبداع والإلهام أمتع ويمتع به جماهير الأمة العربية, وضاعف به من رصيد القوة الناعمة لمصر في محيطها شرقا وغربا ومن المحيط إلي الخليج, العلايلي صاحب إشراقات عالية المكانة في السينما المصرية تعتبر علامات مضيئة وستظل مضيئة مثلها مثل الكلاسيكيات العالمية لأفذاذ النجوم في عالم الغرب يكفي أدواره الرائعة في أفلام, الأرض والسقامات, والمواطن مصري وأهل القمة والطوق والأسورة وغيرها, وغيرها ثم دوره الرائع في فيلم الطريق إلي إيلات الذي نال من أجله تكريمات متعددة ومنح بسببه جوائز عديدة. نفس الاشراقات نلمحها في مجال المسر ح فهو النجم الساطع علي الخشبة ويكفيه أن مسرحية أهلا يا بكوات التي أداها مع النجم حسين فهمي قدمت علي المسرح القومي بالأزبكية لعدة مواسم وفي كل موسم كان عرضها يستمر لاسابيع وأسابيع فيما كانت لافتة كامل العدد تتصدر مدخل المسرح علي مدي ليالي العرض, وفي مجال الإذاعة والتليفزيون فحدث ولا حرج حيث العشرات من المسلسلات والسهرات الدرامية التي اسعدنا وأمتعنا بها. العلايلي لم نسمع عنه وهو لم يرض لنفسه ان يقدم ما لا يعجبه ولايرضي عنه ولا ما لا يتفق مع الأصاله الفنية بعيدا عن الابتذال الذي نشهد البعض وهم يمارسونه تحت شهوة حب المال, ولذلك يعيش العلايلي في كادر الاحترام الجماهيري وهو ما يعتبره أثمن الجوائز في سجلة الفني وإضافة إلي عطائه للسينما المصرية, فهو الفنان المصري الوحيد الذي شارك بنصيب وافر في السينما العربية لبنانية وجزائرية وعراقية. عرفت عزت العلايلي بالصدفة البحتة وكان ذلك منذ سنوات لا داعي لذكر عددها عندما ذهبت إلي منزل المبدع الشاعر الغنائي الراحل محمد علي أحمد الكائن بشارع جزيرة بدران لأسجل حديثا إذاعيا عن أغنياته وتاريخه مع الشعر الغنائي, وفي تكعيبة العنب التي تظلل بلكونه المنزل كان يجلس شاب يافع طويل القامة تبرق عيناه بنظرات يستشف منها الإنسان معاني الألفة والود كان هو عزت العلايلي وظل الود موصولا خاصة ونحن نلتقي في دهاليز واستديوهات ماسبيرو أو صحبة في طابور المشي الصباحي بنادي الجزيرة فالعلايلي يؤمن بأن الانسان لابد ان يكون متسما باللياقة البدنية لكي ينتج ويشحذ ذهنه وعقله وهو حتي الآن يمارس هذه الرياضة أربع مرات اسبوعيا علي الاقل, وأتذكر عزت العلايلي عندما دعي هو وبعض من الفنانين لمعرفة رأيهم في مشكلات السينما والمسرح من قبل المجالس القومية المتخصصة ووقف العلايلي ليقول رأيه في المشكلة في حضور وزير الثقافة الاسبق فاروق حسني وكوكبة كبيرة من أعضاء هذه المجالس, يومها القي العلايلي خطابا رائعا شارحا الأزمة وواضعا أسس حلها, كان العلايلي شديد الإقناع في أسلوب عذب وكلمات منتقاة ولم أجد مفرا, أن أقطع استرساله في خطابه زاعقا أقول الله يا عزت وكان لصياحي تجاوب إيجابي مع بقية الأعضاء فلقد دافع عزت عن القضية مؤكدا أن الفن بمختلف ألوانه هو قوة مصر الناعمة مستحثا الدولة علي تقديم العون للفن, عزت العلايلي ممن يعرفون حدود الله سبحانه ولذلك فإن المولي عز وجل عندما ابتلاه بمحنة فراق الزوجة كافأه في نفس الوقت بمنحه الحب والتقدير والاعتزاز الذي قوبل ويقابل بها من الجماهير في أنحاء العالم العربي بما يعتبره اكبر تكريم له ويحظي به الفنان.