هل يمكن للرئيس الأمريكي ترامب أن يلغي الاتفاق النووي مع إيران؟ المؤكد أن ترامب لم يكن راضيا عن الاتفاق الذي رفضته إسرائيل, وكان مثار خلاف بين رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو والرئيس الأمريكي السابق أوباما, ووصفه ترامب خلال حملته الانتخابية بالإتفاق الأسوأ في تاريخ أمريكا, وحسب صحيفة الجارديان البريطانية فإن أوباما طلب من وكالة المخابرات الأمريكية البحث عن مبررات تمكنه من إلغاء الإتفاق النووي مع إيران, وهو ما أثار غضب الوكالة التي تخشي من تكرار سيناريو تلفيق أدلة عن وجود أسلحة دمار شامل في العراق لتبرير غزو أمريكا للعراق في عهد الرئيس الأسبق جورج بوش. ترامب سيواجه معارضة داخلية لخطوة إلغاء الإتفاق النووي, حتي إن وزير دفاع الأمريكي جيمس ماتيس المعروف بعدائه الشديد لإيران يرفض إلغاء الإتفاق, وكذلك من المرجح أن يتعرض ترامب لمواجهة عنيفة من أغلبية أعضاء الكونجرس, كما سيخسر حلفاءه الأوروبيين الذين وقعوا علي الإتفاق, ألمانيا وفرنسا وبريطانيا, بما يجعل إلغاء الإتفاق من طرف أمريكا وحدها خطوة حمقاء لن تحقق الكثير, وستخرج منها إيران رابحة, لأنها ستكون أمام العالم قد التزمت بالاتفاق الذي يجمد تطوير برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات الإقتصادية, بينما تكون أمريكا قد أساءت إلي سمعتها بخرق الاتفاق الذي جري تحت رعاية الأممالمتحدة والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن ومعها ألمانيا. كما أن إيران استفادت من فترة رفع العقوبات, وعقدت اتفاقيات مع شركات أوروبية وأمريكية, ووضعت شروطا جزائية عند عدم الوفاء بالتزاماتها, وجذبت استثمارات بقيمة14 مليار دولار, وكذلك استعادت جزءا كبيرا من أموالها المجمدة في الولاياتالمتحدة, وفي المقابل يمكنها أن تستعيد نشاطها في تطوير برنامجها النووي خلال خمسة أيام فقط وبقوة أكبر, وفقا لتأكيدات الرئيس الإيراني حسن روحاني. أما العقوبات الأمريكية فلن تكون بالقوة السابقة نفسها بسبب رفض أوروبا المعلن إلغاء الاتفاق, وبهذا ستكون إيران الرابحة من إلغاء الإتفاق, فلماذا يصر الرئيس الأمريكي علي طرح إلغاء الإتفاق؟ يبدو أن ترامب يشعر بالمرارة الشديدة من إخفاقاته في تحقيق أي من أهدافه المعلنة في برنامجه الإنتخابي, ولا يشعر بأنه رئيس حقيقي للولايات المتحدة, فمحاولات عزله لم تتوقف, ومسلسل الإستقالات من إدارته متواصل, والمظاهرات المنددة بسياسته تزداد قوة, والحملات الصحفية المشككة في تدخل روسيا لإنجاحه في الانتخابات الرئاسية لم تتوقف, والتلويح بالاستمرار في طرح عزله من الحكم مثل سيف يتأرجح حول رقبته. يأمل ترامب أن يخوض معركة يمكنه أن يكسبها, وتوحد أمريكا حوله, وتخفف شعوره بالعزلة والضعف, وعندما رأي أن مواجهة تهديدات كوريا الشمالية يمكن أن تكسبه بعض الشعبية تراجع عن المضي قدما في تهديداته, والتي بلغت أنه سوف يشن هجوما عسكريا علي كوريا الشمالية لم يشهد العالم مثيلا له, فقد وجد أن الإقدام علي حرب مع كوريا الشمالية ليس سهلا, رغم أنه دولة صغيرة, لكن لها مخالب نووية, وصواريخها يمكن أن تصل إلي الأراضي والقواعد الأمريكية, ولهذا اضطر ترامب إلي طلب الحوار مع الرئيس الكوري الشمالي الذي وصفه بالحكمة عندما أعلن أنه قرر تأجيل توجيه ضربة إلي قاعدة أمريكية. لم يعد أمام ترامب إلا تحقيق انتصار ما في مواجهة إيران, خاصة بعد الانتصارات التي تحققت لسورياوالعراق ولبنان ضد داعش والجماعات التكفيرية بمساعدات مباشرة من إيران, والخوف الإسرائيلي الشديد من تنامي قوة ونفوذ إيران, وفشل زيارة نتنياهو إلي موسكو, ورفض الرئيس الروسي بوتين منح ضمانات لنتنياهو باضعاف الوجود الإيراني في سوريا, وانتظار إسرائيل أن ينجح ترامب في كبح جماح إيران, لكن ترامب يتحدث كثيرا, ويلقي بالتهديدات, لكنه لا يلبث أن يكتشف أنه ليس بإمكانه أن يفعل شيئا علي الأرض, ولهذا من المستبعد أن يجرؤ علي اتخاذ خطوات فعلية لإلغاء الاتفاق النووي.