موسكو أ ش أ: قال ليونيد ريشيتنيكوف مدير المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية إن الأحداث التي يشهدها العالم العربي في الوقت الراهن, يصعب تحديد عمقها وآثارها وانه لا يفضل استخدام التحليلات المبسطة التي تقول إن الولاياتالمتحدة هي من يخطط ويدبر لهذه الاحداث. وأضاف الخبير الروسي في حديث لصحيفة كراسنايا زفيزدا( النجم الاحمر) لسان حال الجيش الروسي أن الأمور أكثر تعقيدا مما تبدو عليه..ويبدو أننا بتنا شهودا علي تحولات جذرية في هذا الجزء من العالم, يمكن أن تمس الحضارة الإسلامية. وأوضح أن الحضارة الإسلامية من وجهة نظره, غير قادرة علي الوقوف في وجه المد الأوروبي, المسيحي سابقا, والرأسمالي حاليا. وقال إنه لو تمعنا في الأزمة الاقتصادية, لوجدنا أنها أضرت بالبلدان التي ترتبط بشكل وثيق مع العالم الغربي, أي البلدان الواقعة علي قوس البحر الأبيض المتوسط من المغرب وحتي سوريا لأن شعوب هذه المنطقة هم الأكثر تطلعا لنمط الحياة الغربي. وأضاف أن هناك حقيقة مفادها, أن العالم الإسلامي يخشي تسلل الفكر الغربي ونمط الحياة الغربي إليه. وعلي الرغم من ذلك, شهدت الثمانينيات من القرن الماضي تسربا واضحا لنمط الحياة الغربي إلي الشعوب الإسلامية, الأمر الذي مثل أحد أهم أسباب انتعاش ظاهرة الإرهاب في المنطقة, كشكل من أشكال التصدي لغربنة المجتمعات الإسلامية. وذلك في ظل إحساس باليأس من امكان إيقاف هذا التسلل. لكن التصدي للنفوذ الغربي لم يتكلل بالنجاح. لأن الشعوب رفضت الوسائل التي تسببت في سقوط عدد كبير من الأبرياء ليس لهم أي ذنب. كما أن الفئة الغالبة في شعوب شمال إفريقيا والشرق الأوسط, هي من الشباب, وهؤلاء في تحركاتهم الاحتجاجية, رفعوا شعارات تتمحور حول فكرة أساسية, وهي المطالبة بحياة كريمة كما هو الحال في الغرب. وأوضح أن هذا ما يفسر عدم تردد عشرات الآلاف من التونسيين في الهجرة إلي أوروبا, حالما سنحت لهم الفرصة. والأمر نفسه ينطبق علي المغرب والجزائر. وقال الخبير الروسي أنه من جهة أخري, نجد أن الأحداث في عدد من البلدان تحمل بصمات مسلمين أصوليين, ينتمون في غالبيتهم إلي المذاهب السلفية. ويلعب هؤلاء أدوارا متعاظمة في سوريا ومصر وفي ليبيا بشكل أكثر وضوحا. ومن الواضح أن ثمة جهات تعمل بشكل هادئ وتدريجي ومبرمج علي تهميش المناطق المعروفة تقليديا بأنها مسلمة. ومن اللافت في هذه الأحداث أن النظم الملكية في الدول العربية كانت أكثر تماسكا. أما الأنظمة التي وصلت إلي السلطة عبر الانقلابات العسكرية, فلم تستطع أن تصمد في وجه عاصفة التغيير. فمنها من انهار, ومنها من ينتظر. ذلك أن هذه الأنظمة تميزت باستبدادها السياسي وكذلك بجشعها الاقتصادي المفرط. فقد استحوذت علي كل شيء فلفظتها الشعوب. في هذه الأجواء, من الطبيعي أن تبدو الولاياتالمتحدة وحلفاؤها وكأنهم يقفون خلف هذه الأحداث, لكن, لو تناولنا الموضوع بشكل فلسفي, هذه النظرة قد تكون صحيحة لأن الديموقراطيين الأوروبيين, اعتادوا علي اخضاع المجتمعات و الحضارات الأخري لتأثيرهم.