ليست الأولي وللأسف لن تكون الأخيرة مادام استمر مستوي أداء الإنسان في منظومة السكة الحديد علي ما هو عليه. هكذا أري حادثة اصطدام قطاري الاسكندرية يوم الجمعة الذي أودي بحياة41 مواطنا واصابة عشرات غيرهم. نعم ستستمر الحوادث بغض النظر عن مكانها وزمانها وعدد ضحاياها ومصابيها مادام استمر حساب المخطيء بمنطق النيابة تحقق والمحكمة تنظر وربنا يسهل وتحكم, والإعلام يتناسي الخبر والكارثة بمجرد مرور الساعات الأولي عليه, ثم تتلاشي الحادثة في هوامش الاهتمام حتي نفيق علي قصة جديدة يبدأ فيها الحديث عن ضرورة محاسبة المخطيء! وهي بديهية مطلقة نكررها كلما جد علينا حادث, ثم....نتناسي وهكذا دواليك. نعم حدثت واقعة قطاري الإسكندرية لتدق جرس الانذار للمرة المليون وتنبهنا لكوننا لم نعمل حتي الآن علي الإنسان رغم كل محاولات الإصلاح وتطوير المؤسسات. عملنا علي تطوير المزلقانات واشارات التحويل لكننا لم نطور اداء الإنسان بمنظومة قيم وأداء عمل ومنظومة ثواب وعقاب. افعلوا ما شئتم بنظام سكك حديد مصر, أحضروا هاني عازر لوضع تصور لتطويرها, ائتوا بمديري ال دي بي-شركة قطارات ألمانيا اعظم منظومة سكك حديدية في العالم- لادارة قطاراتنا وستفاجئون بالفشل في ظل بقاء الإنسان علي حاله بلا قيم في العمل وبلا خوف من عقاب رادع يخضع له إن اخطأ وبلا فهم لما عليه القيام به وما عليه تجنبه. تقول الارقام أن سكك حديد مصر هي ثاني سكك حديد في العالم بعد بريطانيا في الانشاء منذ اربعينيات القرن التاسع عشر. وأن عدد العاملين فيها86 ألف عامل ومهندس وموظف في مختلف الإدارات. وانها تخدم1.4 مليون راكب يوميا. تقول الأرقام أن حادثة أمس الأول ليست أول حادثة يقع فيها هذا العدد من الضحايا, فقد حدث في عام2012 حادثة راح فيها52 طفلا نتيجة اصطدام قطر بأتوبيس معهد أزهري في صعيد مصر بسبب عبور المزلقان, وراح17 جندي نتيجة حادثة قطار البدرشين في يناير2013 وغيرها الكثير من الحوادث المحزنة والموجعة. كما تقول الأرقام ان الدولة بدأت خطوات جادة في تطوير منظومة متهالكة لم تطلها يد التطوير والصيانة منذ سنوات بعيدة ولكننا لم نطور الانسان. ولا تحدثوني عن منظومة التدريب في بلادي وقد صارت مغارة للفساد والفاسدين وتستيف الاوراق وشفط الأموال. فحادث أمس وفقا لتصريحات محافظ الاسكندرية لم يقع نتيجة غياب وسائل التحويلة ولكنه وقع نتيجة إشارة خاطئة من عامل التحويلة المختص الذي منح قطار رقم13 اكسبريس القاهرةالاسكندرية رخصة المرور علي نفس قضبان قطار رقم571 بورسعيد الاسكندرية المتوقف!! إذا العيب بشري أيا كان سبب الكارثة فساد أو إهمال أوعدم تركيز في العمل. أو إرهاب متعمد لأننا لسنا جادين في التعامل مع المنتمين لجماعات الإرهاب في مؤسسات الدولة, المهم النتيجة واحدة كارثة بسبب عنصر بشري غير مدرب علي مهارات العمل الصحيحة وغير المحاسب وفقا لقانون حاسم يقطع يد الفاسد مثلما الحال مع الإرهابي. ودعوني أتساءل عن مصير الفيديو الذي نشر علي كل المواقع يوم1 اغسطس الحالي لكابينة قيادة قطار بها سائق يقود القطار وثلاثة يشربون الحشيش خلفه ويرقصون باستهتار. دعوني اتساءل هل تم عقابهم كما يجب؟ هل صاروا عبرة لمن هم مثلهم في المنظومة بعقاب رادع؟ هل تم سجنهم لفعلهم المخالف في أثناء اداء مهام العمل فورا؟ بمعني اخر ما الذي يجبرهم ويجبر غيرهم علي احترام القواعد مادامت أن الحياة حلوة وماشية؟ ولذا أوجه رسالتي لوزير النقل المهندس هشام عرفات وأنا أعلم أنه إنسان مسئول حالم بالتطوير والتغيير. لن تستطيع التغيير والتطوير دون نهضة وبناء في البني ادم تحكمه فيها منظومة قيم وقانون وأداء. أدرك حجم الميراث وقلة الإمكانيات ونقص سيولة تمويل الصيانة. لكننا نتكلم عن86 الف موظف يعملون في قطاع السكة الحديد. أرجوك أن تراجع ميزانية التدريب المهدرة والتي لو صرف ربعها علي تطوير الأداء بجدية لما صار هذا حالنا. وللدولة ولكل أجهزة الرقابة في بلادي أقول نحن بحاجة لأسس حقيقية للجزاء والعقاب الرادع الناجز المعلن في وقت يناسب طبيعة فساد البشر. وتبقي كلمة... لا تهدروا موارد الدولة علي تطوير سيهدره بشر لم يتعلموا صيانة الحجر. انهضوا بالبشر والحجر في وقت واحد. وللحديث بقية...