يبدو أن الأيام القليلة المقبلة تحمل ملامح تغييرات جذرية في ثوابت المجتمع الأمريكي الذي كان يتباهي دائما بالهامش الهائل من الحريات التي يتمتع بها كل مواطنيه, والديمقراطية غير المحدودة التي تضمن شفافية الحكم, وآليات محاسبة المسئولين. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب, منزعج جدا من الممارسات التي اعتادت المؤسسات الإعلامية الأمريكية عليها منذ عشرات السنين في الكشف عما تراه مهما للرأي العام, من حقائق موثقة بالمستندات, ما دفع وزير العدل الأمريكي جيف سيشنز أمس إلي التعهد بتعقب الحكومة للموظفين الذين يقومون بتسريب معلومات سرية, وذلك في خضم تزايد الكشف عن مواد للإعلام منذ تولي الرئيس مهام منصبه في البيت الأبيض. قال سيشنز إن وزارة العدل تراجع سياساتها بشأن أوامر استدعاء لجهات إعلامية للحصول علي معلومات عن مصادر تسريب مواد سرية. وأضاف: نحن نحترم الدور المهم الذي تقوم به الصحافة وسنعطي الصحفيين الاحترام لكن ذلك ليس بشكل مطلق, لا يمكن أن يضعوا أرواح الناس في خطر بدون ملاحقة. ويندد ترامب بالتسريبات التي تزعج إدارته ويهاجم الإعلام بشكل متكرر لما يصفه ب أخبار كاذبة تستند إلي مصادر مجهولة. وأشار سيشنز إلي أن وزارته قامت بزيادة عدد تحقيقاتها الخاصة بالتسريبات بثلاثة أمثال هذا العام ووجهت اتهامات إلي أربعة أشخاص لقيامهم بالكشف عن مواد سرية بشكل غير قانوني أو إخفائهم اتصالات مع مسئولين بأجهزة استخبارات أجنبية. وحث الوزير مسئولي الاستخبارات علي تقديم تفاصيل بشأن مواد ربما أسئ التعامل معها ووجه تحذيرا صارما لمن يحاول تسريب معلومات, قائلا: لا تفعلوا ذلك. وألمح سيشنز إلي ما حصلت عليه صحيفة واشنطن بوست من نسخ مكتوبة لمحادثات ترامب مع الرئيس المكسيكي إنريك بينا نيتو ورئيس الوزراء الأسترالي مالكولم تيرنبول كمثال علي الضرر الذي أحدثته التسريبات. وقال سيشنز إنه لا يحق لأي شخص أن يخوض معاركه في الخفاء في وسائل الإعلام عبر الكشف عن معلومات حكومية حساسة مضيفا: لا يمكن لأي حكومة أن تكون فعالة عندما لا يستطيع قادتها بحث أمور حساسة بثقة أو التحدث بحرية وبثقة مع زعماء أجانب.