يبدو أن الكاتب الفرنسي ألبيركامي أخطا خطأ جسيما حين أعرب عن رؤيته ودخائل شعوره واحساساته قائلا: إن المرأة هي رائحة الجنة علي الأرض!! ويبدو أيضا أن ذلك الخطأ كان محتما لأن موضوعه المرأة والرأي القاطع في المرأة لم يقل بعد لأنها في ذاتها تعد قضية لولبية شائكة يصعب أن ينتهي فيها إلي قرار أو أن تحسم علي وجه ما طيلة التاريخ الانساني فمع توالي الأيام والثواني واللحظات تجلت بعض الطرائف والغرائب والمدهشات التي يحال تصديقها لكنها في الحقيقية قد أصبحت تمثل واقعا مجسدا لا يمكن إنكاره, ولعل آخر هذه المدهشات المذهلات التي سيسجلها التاريخ وسيقف عندها طويلا وستقطع الطريق فيما بعد علي كل معجب ومفتون بالمرأة ولعل المغامرة الجبارة التي خاضها رائد الفضاء الروسي ديمتري كاروف قد تفوقت علي كل ما عداها من طرائف وحكايات تعصف بأساطير ألف ليلة, ذلك أنه قد غادر إلي الفضاء منذ أكثر من ربع قرن تاركا كوكب الأرض المثقل بخطاياه وآثامه, وقد تعلق ذلك بسببين أولهما سياسي محض لكننا بحق نشك في صدقيته وهو تفكيك الاتحاد لسوفيتي وسيادة الفوضي السياسية والاقتصادية التي أودت بمستقبل روسيا, وقد تعددت النداءات والتوسلات مطالبة له بالعودة لكن كان الرد معربا عن اعتزازه بالتوجه الأيديولوجي الشيوعي مستنكرا ما يقال.. كيف أعود لبلد يشرب الكوكاكولا شكرا ولعل ذلك في رؤيتنا لا ينطوي علي السبب الجوهري استدلالا بأن ملايين السوفيت كان لهم نفس الموقف من تفكيك الاتحاد السوفيتي ولم يكن لهم نصيب من ردود الفعل الصارخة وقد حار رواد الفضاء في ابتكار محاولة لاجتذابه وعدوله عن مغامرته فلجأو إلي الاستعانة بزوجته التي تحمل ميكانيزمات أنثوية متميزة ربما تستطيع التأثير بها, لكنهم وقفوا علي الصدمة الكبري وهي أن أهم دوافعه للهجرة إلي الفضاء كانت هي زوجته ناتالي كارماروف تلك التي أضافت بصمة قاتمة لتاريخ المرأة بعد ذلك انتقل فكر رواد الفضاء إلي حيلة أخري ربما تكون أفضل من سابقتها فكان أن طلب الرئيس بوتين التحدث اليه لعله يثنيه عن ارادته الشاذة, وقد حملت ردوده جلافة مبطنة باستهزاء وتهكم وهو ما قد آثار حفيظة بوتين الذي قرر استدعاءه إلي الأرض راضيا أو مكرها ليلقنه درسا تاريخيا في كيفية التعامل مع القيادة السياسية لكن العقبة قد تمثلت في أن الطيار الآلي كان معطلا ومن ثم لن يتمكن من ضبطه واحضاره!! وقد واصل ديمتري سبابه وشتائمه المقذعة للانسانية جمعاء معتبرا نفسه آخر مواطن من الاتحاد السوفيتي, وقد اخترقت الحيرة والدهشة عقول العلماء وانقسموا إلي فريقين أحدهما يري أن ذلك يمثل شطحا وخروجا علي المألوف بل علي غير المألوف والآخر يري أنه رجل حكيم, ونحن يمثل بالضرورة إلي الرؤية الأخيرة التي نؤكدها بتساولات مثل: تري ما هي الأسباب الفعلية الدافعة نحو استمراره الأبدي في كوكب الأرض؟ وأي إغراءات يمكن أن يقدمها سكان الكوكب للبقاء؟ وهل يعد كوكب الأرض الآن صالحا للحياة؟ وكيف صارت النزاعات الدامية فيه تمزق معاني الانسانية؟ وكيف وقد صارت مكوناته هي الفعل الارهابي والتلوث والطاقة النووية الطائشة والزيادة السكانية ونقص الموارد الطبيعية وغيرها من الكارثيات المحققة لمعني الجحيم الأرضي؟ وكيف,قد أصبح هو الكوكب الفاني قل غيره؟ نعم لقد أصبح الانتظار عبثا والرضا بالواقع المأزوم إشكالية فكرية أعجزت علماء الاجتماع والنفس والسياسة والطبيعة وأن كل محاولات الاصلاح قد أصبحت سرابا يحسبه الظمآن ماء! تلك من أنباء حواء المعاصرة التي أحالت زوجها إلي مجاهل الفضاء بعد أن هبطت به حواء القديمة إلي الأرض موحية له بأنها أفضل من الجنة, وهو ما سيظل يؤكد دائما وابدا أستاذية الشيطان علي الرجال وتلمذته علي المرأة!!