رهن خبراء الاقتصاد نجاح المشروع الذي تنفذه الحكومة خلال الفترة المقبلة بطرح جزء من أسهم الشركات العامة في البورصة بعدد من الضمانات تتصدرها لعنة الخصخصة وما شابها من إجراءات وصفها اقتصاديون غير شفافة وأكدوا أن المشكلة ليست في عدم توافر رءوس أموال بالشركات لتطويرها وإنما في سوء الادارة وعدم قدرتها علي مسايرة التطورات العالمية في إدارة الشركات وإدخال التكنولوجيا الحديثة. وتباينت آراء الخبراء حول توجه الحكومة لطرح شركات الأعمال في البورصة المصرية والتي تبلغ121 شركة منها15 فقط مقيدة بالبورصة في ظل التخوفات من أن تكون هذا نوعا من أنواع الخصخصة الناعمة للتخلص من الشركات والحصول علي أموال فقط دون وجود خطة لضخ رؤوس أموال بالشركات لإنقاذها من نزيف الخسائر وإعادة هيكلتها. وأشارت الدكتورة يمن الحماقي أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة عين شمس إلي أنه وإن كان الهدف من الاتجاه لطرح شركات الأعمال في البورصة هو زيادة رؤوس الأموال في ظل معاناة معظمها من مشاكل في التمويل والإدارة وجودة الإنتاج مع تكبد عدد كبير من الشركات خسائر إلا أن هناك تخوفا لدي البعض من أن تكون خطوة نحو الخصخصة الناعمة للشركات. وأوضحت أنه من المفترض أن هذا التوجه له أكثر من هدف ومنه زيادة رؤوس الأموال بهذه الشركات من جانب وتنشيط قطاع البورصة من جانب آخر والاستفادة بدخول شركات أو أشخاص لديهم الخبرة في هذا المجال سواء في طبيعة العمل أو التسويق أو قوة العلاقات الداخلية والخارجية. وأعربت عن اعتقادها بأن طرح الشركات في البورصة لا يعني دفعها للخصخصة الكاملة في ظل إدراك الحكومة من السمعة السيئة التي صاحب هذا التوجه عبر التجارب السابقة من فساد وسوء إدارة في بيع الشركات الحكومية حيث كان يغلب عليها تحقيق مصالح خاصة وليست المصلحة العامة التي من المفترض أنها هي التي تحكم قرارات الحكومة. وأشارت إلي أن المشكلة ليست في عدم توافر رؤوس الأموال لمساندة الشركات التي تتكبد خسائر وإنما في القائمين علي إدارة هذه الكيانات وكيفية تحسين أداء الشركات ورفع مستوي مستواها وهو مايمثل القضية المحورية مشيرة إلي أن عددا من هذه الشركات لديها أصول غير مستغلة وطاقات مهدرة لعدم استخدامها في تخصصها لتحقيق الاستفادة منها. وأكدت أن دفع الشركات الخاسرة إلي تحقيق أرباح أو زيادة عائد الشركات الجيدة يتطلب توافر خطة واضحة محددة المعالم بناء علي دراسات جدوي دقيقة للجوانب السلبية التي تعانيها شركات قطاع الأعمال ويتم تنفيذها بدقة وهو ماحدث خلال العام الماضي مما أدي إلي انخفاض الشركات الخاسرة من68 شركة عام2014 إلي55 شركة2015 وارتفاع الشركات الرابحة من53 شركة إلي66 شركة عام2016 مما يؤكد قدرة الشركات علي وقف الخسائر. وطالبت الحكومة بعدم طرح الشركات بالبورصة لزيادة رؤوس الأموال إلا بعد وضع استراتيجية محددة تضمن سيطرة قطاع الأعمال العام أو الملكية العامة لإدارة هذه الشركات من منظور الدولة وليس المستثمرين لمراعاة أبعاد كثيرة وليس فقط البعد الربحي. وأكدت أن دراسات الجدوي الدقيقة هي التي سوف تحدد النسبة المثلي للأسهم لكل شركة عامة سوف يتم طرحها للبورصة وسوف تحافظ علي قيمة سعر السهم وتدفعه للزيادة. وأضافت أن مصلحة الشركة هي المحدد الأول في الشروط الموضوعة لطرح أسهمها في البورصة ومنها هل ستكون الأولوية لشراء المصريين لأسهم هذه الشركات أم الأجانب؟ وأكد الدكتور عمرو الأتربي عميد كلية التجارة جامعة عين شمس أن هناك تخوفا من أن يكون توجه الحكومة لطرح شركات قطاع الأعمال للبورصة هو وجه من أوجه الخصخصة مشيرا إلي أن الشعب يعاني مشكلة ترك مقاليد الأمور للشركات الخاصة في بعض القطاعات ومنها قطاع الدواء وهو ماأدي إلي تحكم الشركات الخاصة في أسعار الأدوية وفرض هيمنتها علي السوق نظرا لعدم تعدي حصة شركات القطاع العام2% من الانتاج. وطالب الحكومة بضرورة وجود دراسات جدوي جادة ومستفيضة من قبل خبراء وكفاءات متخصصة قبل تنفيذ هذا القرار وبصفة خاصة مع القوانين والقرارات الاقتصادية التي تم إصدارها لضمان حقوق الدولة والأجيال القادمة ومنع تكرار ما حدث سابقا من بيع الشركات العامة بأقل من سعرها لمستثمرين مصريين وأجانب علي حساب حقوق الشعب. وأكد ضرورة وضع أهداف محددة للاستفادة من طرح الشركات بالبورصة لزيادة رؤوس الأموال ومنها إعادة الهيكلة أو الدخول في مشروعات جديدة أو سداد المديونيات أو تحديث الآلات أو تأهيل العاملين بها من الإداريين والفنيين. وطالب الحكومة بضرورة أن يكون للدولة الحق في إدارة هذه الشركات بعد طرحها في البورصة من خلال عدم خفض نسبة مساهمة الحكومة عن51% وعدم ترك المجال للمستثمرين الذي مازالوا يرغبون في دخول السوق المصري الذي كان يحقق أعلي معدلات للعائد خلال السنوات السابقة والتي تأثرت قليلا في ظل الظروف الحالية. وأعرب عن اعتقاده بأن الجهاز الإداري للدولة يعاني منذ فترة حالة ترهل وخمول بالقطاعات المختلفة مشددا علي أننا نحتاج إلي صحوة بكافة المستويات للنهوض بالشركات والهيئات لمنع حدوث انهيار اقتصادي بها. وأشار إلي أن المشكلة التي تعانيها الشركات العامة ليست في نقص رؤوس الأموال فقط وإنما في العمالة التي تمثل عبأ ثقيلا يفتقد نسبة كبيرة منها إلي الخبرة والكفاءة سواء من القطاع الإداري أو الفني من مهندسين وعمال مشيرا إلي ضرورة فتح المجال للمعاش المبكر الذي يقلص من العمالة من جانب وإتاحة الفرصة لإقامة ملايين المشروعات الصغيرة من المكافأت التي يحصلون عليها عند خروجهم علي المعاش. وأوضح أن الجهاز الحكومي من وزارات وهيئات وشركات متخم بالإداريين والعمال ويبلغ عددهم7 ملايين مشيرا إلي أن خروج5 ملايين منهم للمعاش سوف يوفر للدولة160 مليار جنيه ومنها كلية لتجارة بجامعة عين شمس حيث تضم أكثر من1200 موظف بينما نحتاج إلي300 موظف مما يعني أن900 منهم زيادة عن حاجة العمل. وأضاف أنه بالرغم من انخفاض عدد العاملين بالشركات التابعة ليصل إلي229 ألف عامل للعام المالي الماضي مقابل236 ألف عامل للعام السابق بنسبة انخفاض بلغت3% نتيجة لإعادة الهيكلة وخروج عدد من العاملين للمعاش القانوني إلا أن إجمالي الأجور ارتفع للشركات إلي13.8 مليار جنيه مقابل13 مليار فقط بنسبة زيادة6% نتيجة الزيادة الحتمية في الأجور. وطالب الحكومة بانتقاء الكفاءات القادرة علي انتشال شركات قطاع الأعمال الخاسرة من عثراتها لوقف نزيف الأموال والاستفادة بكل أصل من أصول الشركات من خلال الدراسات للحصول علي أفضل الاستخدامات بأقل التكاليف.