أصدرت المحكمة الدستورية برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق أمرا وقتيا يوقف تنفيذ الأحكام الصادرة عن القضاء الإداري ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية, وإيقاف الحكم المناقض له الذي صدر عن القضاء المستعجل, وذلك بناء علي تقرير هيئة مفوضي المحكمة, نظرا لتوافر ركني الجدية والاستعجال في الدعوي المنظورة أمامها بشأن الاتفاقية, وأوصي التقرير بعدم الاعتداد بالحكمين المتناقضين, لمخالفتهما قواعد الاختصاص الولائي حيث تصدي القضاء الإداري لنظر صحة توقيع ممثل الدولة المصرية علي اتفاقية ترسيم الحدود رغم أن التوقيع علي المعاهدات الدولية من أعمال السيادة الخارجة عن رقابة القضاء. وكان مجلس النواب قد حسم, وبأغلبية مريحة, الجدل حول الاتفاقية, وهي القضية المشهورة إعلاميا وشعبيا باسم تيران وصنافير, واستمر الجدل حولها, والشد والجذب, واللجوء للقضاء, والحشد الإعلامي خاصة علي مواقع التواصل الاجتماعي لمدة زادت علي عام كامل, وبدأت منذ وقع المهندس شريف إسماعيل, رئيس مجلس الوزراء ممثلا لمصر, وسمو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي, يوم الجمعة8 إبريل2016, بالقاهرة. وكانت الاتفاقية قد عرضت علي اللجنتين التشريعية والأمن القومي بالبرلمان لبحثها, ثم عرضت للتصويت في جلسة عامة, وأكد الدكتور علي عبدالعال رئيس البرلمان أن مجلس النواب هو صاحب الاختصاص الأصيل والوحيد لنظر الاتفاقيات والمعاهدات الدولية, وأنه لن يعتد بأي أحكام قضائية في هذا الشأن, حيث لا يحق للقضاء مناقشة هذه الاتفاقيات لأنها تدخل في أعمال السيادة, وهو ما أكدته المحكمة الدستورية في حكمها الأخير. وكما قال الرئيس السيسي في حفل إفطار الأسرة المصرية الذي أقيم يوم الثلاثاء الماضي, فإن الموضوع خلص, فمصر دولة قانون, تحترم الدستور المصري الذي ينظم العلاقة بين السلطات, كما تحترم القوانين الدولية, وتقدر العلاقة مع الأشقاء, كما أنه لا داعي لكثرة الجدل حوله, والانشغال به عن الظروف الصعبة التي تمر بها مصر, التي تتعرض لمؤامرات خارجية وداخلية, لإرهاب مدعوم من دول ودويلات إقليمية, يهدف إلي إيقاف مسيرة التنمية, وزعزعة الاستقرار الداخلي الذي تنعم به مصر بعد إزاحة الجماعة الإرهابية من الحكم. كما أكد الرئيس السيسي أننا نمر بمرحلة إعادة بناء الوطن, بل وإنقاذه من مصير دول شقيقة مثل سوريا والعراق واليمن وليبيا, فالخطر لم ينته بعد, والدول الداعمة للإرهاب لا تزال تراوغ وترفض الرضوخ لصوت العقل الذي تصرخ به مصر والسعودية ودولة الإمارات, بضرورة طرد رءوس الإرهاب, وتسليم المحكوم عليهم بأحكام قضائية إلي بلدانهم للخضوع لسلطة القضاء العادل, ونيل جزائهم عما اقترفتهم أيديهم وعقولهم وألسنتهم من إجرام وتحريض وإشعال للفتنة بين أبناء الوطن الواحد. إن استغلال هذه الاتفاقية لتأليب الشعب المصري ضد قيادته السياسية الحكيمة, وحملة التخوين والتشكيك في الولاء للوطن, لهو أمر خال من الشرف, والسياسة المصرية تتعامل بالشرف كما قال الرئيس الذي أبدي تعجبه من عدم تفهم هؤلاء للموقف المصري, قائلا بلهجة عامية بسيطة وواضحة لعلهم يفهمون: هي الناس عمرها ما شافت ناس شرفاء ولا إيه! في ناس عندها شرف مبيتباعش, حقوق الناس ترد ليها مش بالحروب. أما الذين يزايدون ويطلبون رد مثلث حلايب وشلاتين للسودان فإنهم يتجاهلون أن الموقف مختلف, فالمثلا لا شك في مصريته, ولا وثائق لدي السودان الشقيق تثبت ملكيته, عكس تيران وصنافير التي تؤيد سعوديتها مئات الوثائق المحلية والدولية. حفظ الله مصر, وحماها من المشككين والمتشككين, وحفظ ترابها وأرضها من التقسيم, وحفظ أهلها من كل سوء, وتحيا مصر.