نظرية الصدي البصري هي أحد التفسيرات التي تقفز إلي إذهاننا أثناء مشاهدة الدراما التليفزيونية المصرية خاصة في السنوات العشر الأخيرة- والتي يمكن تبسيطها من خلال مصطلح أساسي يعلق به الجمهور غير المتخصص علي اللقطات والمشاهد التي يشعر أنها مقتبسة ومسروقة ومأخوذة ومقلدة ومنسوخة من لقطات ومشاهد لأفلام ومسلسلات أجنبية أمريكية تحديدا- شاهدها الجمهور من قبل عدة مرات حتي صارت جزء من ذاكرته البصرية. والمصطح هو( الحتة دي شبه الحتة التانية من فيلم كذا أو الحتة دي متاخده من الفيلم الفلاني) و(الحتة) هو التعبير الدارج لدي جمهورنا عن( اللقطة أو المشهد) وبالتالي تتواتر في رأس المتلقي عشرات الأسئلة عن مغزي هذا التقليد أو النسخ أي التفتيش في نية صناع الفيلم وضمائرهم الفنية عندما قرروا أن يجلبوا هذه اللقطة أو ذلك المشهد من الأفلام الأخري التي تنتمي إلي فكر ورؤية فنانين حقيقيين- آخرين. هنا تتبلور في الذهن فكرة الصدي البصري, فالمخرج أو أيا كان من صناع الدراما عندما يشاهد عشرات الأفلام الأجنبية ويتأثر بها فإنه مثله مثل الشخص العادي تنطبع في ذاكرته عشرات المشاهد واللقطات منها, خاصة إذا ما كانت علي مستوي فني عال فكريا وتنفيذيا, ولكن علي عكس الأشخاص العاديين من المفترض أن الفنان يملك خاصية ما في ذهنه تمكنه من امتصاص ذلك التأثر وهضمه وإعادة إفرازه في شكل جديد مبتكر مبني علي رؤية الفنان الحقيقة, حيث تتحول كل المشاهد واللقطات التي امتصها وتسربت داخله إلي جزء من العصارة الحية لوجدانه, وحينئذ فقط يتحقق إبداع الفنان أو كما قال أحدهم( علي أن أنظر إلي ما في داخلي ساعتها سوف التقي بفني) فالفنان( هادم لقانون..خالق لقانون آخر) ولكن ما يحدث بالنسبة للكثير من صناع الدراما لدينا حين تغيب تلك القدرة علي الهضم وتبدو العصارة الوجدانية في اقل درجاتها, يصبح هناك مجال لأن تظل تلك اللقطات والمشاهد الأصلية علي حالها بداخلهم بدون هضم حقيقي, وتظل تتقافز في الفراغ الذهني هنا وهناك صانعة حالة من الصدي التي لا يتخلص منها صانع العمل إلا بتقليدها, سواء بشكل جيد كما نفذها فنانيها الأصليين أوعلي قدنا كما هو الحال في معظم أعمالنا, ولدينا في مسلسلات مثل كفر دلهاب وخلصانة بشياكة وأرض جو ولأعلي سعر من الامثلة ما يكفينا وذيادة, وليس معني هذا إننا ضد التأثر واكتساب الخبرات ورحم الله فناننا الكبير عدلي رزق الله حين قال: إن الفنان يجب أن يحتفي بأي رافد فني ولكن..طالما يأتيه من الداخل.