يمكن لمتابعي الدراما التليفزيونية المصرية في السنوات الأخيرة ملاحظة التطور التقني علي مستوي جودة الصورة في عدة أعمال. بالطبع يمكن إرجاع هذا إلي التطور التقني في معدات التصوير وخلافه, لكن قبل هذا يرجع الفضل إلي ظهور عدد من مديري التصوير الذين يدركون قيمة وتأثير الصورة ومفهوم الإضاءة في الشكل النهائي للعمل, ومن بين هؤلاء تبرز مديرة التصوير نانسي عبد الفتاح. في العام الحالي تعمل نانسي مع رفيقتها شبه الدائمة, المخرجة كاملة أبو ذكري, في مسلسل واحة الغروب, وبمشاهدة أي من حلقات المسلسل, سيجد المشاهد نفسه يتساءل عن صاحب هذه الإضاءة المميزة. من الأعمال التي قدمتها حتي الآن يمكن ملاحظة أنها تحب ما تعمل فعلا, تتعامل مع التصوير والإضاءة في كل عمل كأنه تحد تستمتع بتجاوزه, فتبرع في البحث عن حلول منطقية للأماكن الضيقة المظلمة, كما فعلت في مسلسل سجن النسا, إذا حاولت توظيف الإضاءة القادمة من خارج الزنزانة في عدة مشاهد كحل في المكان الذي إضاءته ضعيفة بطبعه. لكن كل أعمالها السابقة في كفة وما قدمته في واحة الغروب في كفة أخري, فالاستخدام التقليدي للإضاءة هنا مختلف, لا توجد كهرباء وبالتالي لن يكون هناك استخدام لكشاف أو مصابيح تقليدية, لهذا فعليها أن تلجأ إلي حلول بديلة حتي توفر إضاءة جيدة للمشهد ومنطقية تتماشي مع الأحداث وزمن حدوثها في الوقت ذاته, ومن هنا نجدها تلجأ إلي الشموع في منزل الضابط محمود في القاهرة, والمصابيح الزيتية في الرحلة إلي الواحة, والمشاعل والحطب في الواحة نفسها. تتحول الإضاءة هنا من كونها مجرد أداة لإنارة المشهد إلي أداة إلي التعبير داخل المشهد, وهذا أحد مهام الإضاءة التي ينساها البعض, فنجد أن الكثير من مشاهد محمود( خالد النبوي) يقع وجهه بين دائرتي الظل والنور, فهو شخص بداخله دوما صراع. ويمكن الوقوف عند مشاهد الواحة لتأمل جماليات الصورة التي تلعب الإضاءة دورا مهما, مثل مشهد الخروج بالمشاعل ليلا للتحضير إلي المعركة. وحتي لحظات الاعتماد علي الإضاءة الطبيعية في التصوير الخارجي, جاءت بلمسات جمالية, كالمشهد الذي تخرج فيه مليكة( ركين سعد) لزيارة قبر حبيبها المقتول, إذ تقدم الألوان الناتجة عن اللحظات الأولي من الفجر شكلا مختلفا للصورة. هكذا تبرع نانسي عبد الفتاح في تكريس فكرة أن التصوير ليس مجرد كاميرا وإضاءة فقط, بل هو مكون أساسي لجماليات الصورة, ورسم دون كلمات.