إن اجتماعنا اليوم, فضلا عن أهميته السياسية, يحمل قيمة رمزية غير خافية علي أحد; إذ يعكس عزمنا الأكيد علي تجديد الشراكة بين الدول العربية والإسلامية.. والولاياتالمتحدةالأمريكية هكذا لخص الرئيس عبد الفتاح السيسي الهدف من عقد القمة الإسلامية الأمريكية, بالإضافة إلي تركيزه في كلمته علي ضرورة وجود مقاربة شاملة تتضمن الأبعاد السياسية والأيديولوجية والتنموية لمواجهة خطر الإرهاب واستئصال جذوره. وقد شهدت الرياض الاسبوع الماضي عقد قمة بين الدول العربية والإسلامية, أكثر من50 دولة شاركت فيها باستثناء سوريا التي تشهد حربا أهلية وإيران التي يعتبرها المشاركون في القمة راعية للطائفية وداعمة للإرهاب, وبين الولاياتالمتحدةالأمريكية, ولعل هذه القمة نقطة فاصلة في رسم خريطة التحالفات في المنطقة, وخطوة مهمة في إيقاف الحرب الأهلية في سوريا بالضغط علي القوي الإقليمية التي تؤجج نيرانها, وتدعم استمرارها, وطبعا هذه القمة هي ضربة كبري لقوي الإرهاب والتطرف ورفض الآخر. وقد قوبلت كلمة الرئيس السيسي في القمة بعاصفة من الإشادة والإعجاب, حيث جاء الكلمة صادقة ومؤثرة, ومعبرة عن تاريخ مصر وحضاراتها وقيمها الإنسانية, كما كانت واضحة في الإشارة إلي الدول التي ترعي الإرهاب وتموله وتقيم معه علاقات تجارية واقتصادية, وتضمنت رؤية شاملة لمكافحة الإرهاب, وتحدثت عن أربعة عناصر ضرورية لمواجهته علي أرض الواقع; أولها عدم التمييز بين التنظيمات الإرهابية, وعدم اختزالها في تنظيم أو اثنين, فالتنظيمات الإرهابية, كما قال الرئيس, تنشط عبر شبكة سرطانية, تجمعها روابط متعددة في معظم أنحاء العالم; تشمل الأيديولوجية والتمويل والتنسيق العسكري والمعلوماتي والأمني, فاستئصال خطر الإرهاب يقتضي أن نواجه جميع التنظيمات الإرهابية بشكل شامل ومتزامن علي جميع الجبهات, واشار الرئيس في هذا السياق, إلي أن مصر تخوض يوميا حربا ضروسا ضد التنظيمات الإرهابية في شمال سيناء, وتحقق فيها انتصارات مستمرة وتقدما مطردا. وثانيها مواجهة الممولين والداعمين سياسيا وأيديولوجيا للإرهاب, وهنا أشار الرئيس في صراحة وشجاعة إلي الدول التي تتوفر الملاذات الآمنة للتنظيمات الإرهابية لتدريب المقاتلين, ومعالجة المصابين منهم, وإجراء الإحلال والتبديل لعتادهم ومقاتليهم؟ وإلي الدول التي تشتري منهم البترول والآثار والمخدرات, وتلك التي توفر لهم التبرعات المالية, أو التي تفتح لهم منابرها الإعلامية لبث دعايتهم من خلالها, واعتبر الرئيس أن هذه الدول جزء من الإرهاب, ولا بد من السيطرة عليها وتحييدها, علي الأقل, في هذه المعركة. وثالثها تجفيف منابع الإرهاب ومنعه من تجديد شبابه وضم المزيد من العناصر, وهي المواجهة الفكرية والأيديولوجية, مؤكدا أن المعركة ضد الإرهاب هي معركة فكرية بامتياز, لشل قدرات التنظيمات الإرهابية علي تجنيد واجتذاب المتعاطفين بتفسيرات مشوهة لتعاليم الأديان, واستخدامها لتحقيق أغراض سياسية, مشيرا إلي جهوده في طرح مبادرة لتصويب الخطاب الديني, بحيث يفضي ذلك لثورة فكرية شاملة, تظهر الجوهر الأصيل للدين الإسلامي السمح, مؤكدا أن مصر, بلد الأزهر الشريف, بما يمثله من مرجعية للإسلام الوسطي المعتدل, هي الرائدة في مجال تجديد الخطاب الديني. ورابعها, وهو الأهم, الحفاظ علي استقرار الدول الوطنية في المنطقة وحماية أجهزتها من التفكك حتي لا تتوافر للإرهاب حاضنة تمده بالوقود البشري والأكسجين اللازم لاستمراره, مؤكدا حرص مصر علي تسوية الأزمات في المنطقة وعلي رأسها القضية الفلسطينية, مشيرا إلي المحاولات الممنهجة, الممولة تمويلا واسعا, لتفكيك مؤسسات دولنا, وإغراق المنطقة في فراغ مدمر, يوفر البيئة المثالية لظهور التنظيمات الإرهابية واستنزاف شعوبنا في صراعات طائفية وعرقية, وهنا نذكر ثورة30 يونيو ونجاحها في الحفاظ علي الدولة المصرية وإفشال مخطط الفوضي الخلاقة, وتحيا مصر.