فاقمت الأزمة المعروفة باسم نتفليكس في أروقة الدورة السبعين من مهرجان كان السينمائي الدولي وباتت تهدد- لأول مرة- انتظام المسابقة الدولية وعمل لجنة التحكيم الرئيسية بعد التصريح الذي أدلي به رئيس اللجنة, المخرج الإسباني الكبير بدرو ألمودوفار, والذي قال فيه إنه لا يتصور أن تمنح لجنته جائزة السعفة الذهبية, أو أي جائزة أخري, لفيلم لن يعرض في الصالات للجمهور تجاريا, في إشارة للفيلمين اللذين تشارك بهما نتفليكس في المسابقة, وهما أوكجا للمخرج الكوري بونج جون هو وحكايات مايروفيتس للمخرج نواه بامباك. وكان ألمودوفار قد دافع, خلال المؤتمر الصحفي للجنة التحكيم في كان, عن صناعة السينما التقليدية ووسائل تلقيها بشكل كلاسيكي في دور العرض, قائلا إن المقعد الذي يجلس عليه المتفرج يجب أن يكون أصغر من شاشة العرض, في إشارة لمشاهدة الأفلام بالطرق التكنولوجية الحديثة علي شاشات التليفزيون أو الكمبيوتر أو الآي باد أو التليفونات المحمولة. وأوضح أنه ليس ضد التكنولوجيا, لكن لابد من حماية الفن السابع كما عرفه أيضا حتي لا يندثر. والمعروف أن نتفليكس شركة أمريكية تأسست عام1997- أي تحتفل هذا العام بمرور20 سنة علي خروجها للنور- وتتخصص في توفير المواد الإعلامية والفنية والأفلام لمشتركيها فقط عن طريق الإنترنت أو حتي بتوصيلها إلي المنازل علي اسطوانات دي في دي.. ومنذ سنوات قليلة دخلت مجال الإنتاج والتوزيع السينمائي لكن بأفلام غير مخصصة للعرض التجاري العام ومصنوعة فقط لمشتركيها, والذين يبلغ عددهم100 مليون شخص حول العالم, علما بأنها تحقق مليارات الدولارات من الأرباح سنويا. وتعقدت المشكلة حين عارض عضوا اللجنة, الممثلة والمخرجة الفرنسية أنييس جاوي والنجم الأمريكي ويل سميث كلام رئيسهما علنا, وقال سميث إنه لا يؤيد ألمودوفار, وإن أولاده يشاهدون أفلامها في البيت لكن ذلك لم يؤثر علي ذهابهم بانتظام إلي السينما, لافتا إلي أنه لا يجب التعامل بخفة مع كيان يشترك فيه عشرات الملايين من الأشخاص. وألمح البعض إلي أن كلام ويل سميث لا يخلو من مصلحة خاصة, حيث أن فيلمه الجديد الذي سيخرج للنور خلال شهور من إنتاج نتفليكس. وأصبح مهرجان كان بذلك في وضع لا يحسد عليه وغير مسبوق في تاريخه, ولا في تاريخ أي مهرجان آخر, حيث لم يحدث من قبل أن أقيمت مسابقة مهرجان سينمائي بينما يعرف جميع المشاركين فيه والمتابعين له مسبقا أن فيلمين تم اختيارهما رسميا في هذه المسابقة لن يفوزا بأي جائزة مهما حدث ودون حتي الدخول في منافسة مع غيرهما, مما يفرض تساؤلات عديدة حول شرعية تلك المسابقة وجدوي إقامتها أصلا. وحتي الآن لم تعلن نتفليكس موقفها الرسمي, ولا علق أحد مسئوليها علي الأزمة, وإن كان بعض المحللين قد توقعوا أنها قد تسحب الفيلمين إذا أصر ألمودوفار علي موقفه. وقد حضرت عرض الفيلم الأول, أوكجا, في مسرح لوميير الكبير صباح أمس, والذي شهد بدوره فوضي لم يعرفها كان سوي قليلا جدا في تاريخه, حيث صاح مئات المشاهدين وأطلقوا صفارات الاستهجان فور ظهور اسم نتفليكس علي الشاشة كمنتج للفيلم.. ثم بدأ العرض بشكل خاطئ ودون مراعاة أبعاد الشاشة لنحو خمس دقائق, فانطلقت صيحات وصفارات الاستهجان مرة أخري حتي أوقف مسئولو المسرح العرض وأعادوه من بدايته بطريقة صحيحة. وكانت الأزمة قد بدأت قبل تصريحات ألمودوفار, عندما اعترض النقاد والصحفيون الفرنسيون علي اختيار فيلمي نتفليكس في المسابقة, مما دفع مسئولو المهرجان إلي إصدار بيان أعلنوا فيه أنهم سوف يشترطون علي أي فيلم يشترك في المسابقة تحديد موعد لعرضه تجاريا بدءا من دورة العام المقبل.