اليوم يمر مائة عام بالتمام والكمال علي الوعد المشئوم..ذلك الوعد الذي جعل من المغتصب صاحب حق ظلما وعدوانا في أرض ليست له.. وحول صاحب الحق إلي مستجد بائس في وطنه..ففي الأول من مايو من العام1917 أعلن وزير الخارجية البريطاني آرثر جيمس بلفور أمام العالم أجمع عن تأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين واعدا إياهم بتحقيق إعلانه ذاك وضامنا لهم تنفيذه أيضا علي أرض الواقع ليتم إصدار وثيقة رسمية به بعد إعلانه بسبعة أشهر ليتوالي بعدها التأييد الدولي لما تضمنته هذه الوثيقة من تعد صهيوني صارخ علي أرض فلسطين بحجة أنها أرض الميعاد التي وعدهم الله بها لتضم اليهود من شتي بقاع الأرض مما أضفي كذلك شرعية دينية علي ذلك الاحتلال الغاشم بخلاف الشرعية الدولية التي حظي بها المغتصب الصهيوني آنذاك ولا يزال.. في حين اكتفي العرب بالإعراب عن صدمتهم من الأمر وألحقوها بإبداء الاستياء والشجب والتنديد كما هو حالهم إلي يومنا هذا إزاء ذلك الوعد اللعين الذي كان سلب فلسطين وسرقتها من شعبها هو الخطوة الأولي علي طريق إقامة دولة صهيونية كبري من النيل إلي الفرات كما يزعم الصهاينة. المؤامرة الصهيونية قديمة جدا وتعود إلي ما أبعد بكثير من تاريخ ذلك الوعد المشئوم وهي أيضا ممتدة عبر العصور..فالهدف لم يكن فلسطين فقط إنما المنطقة العربية بأكملها..والمؤامرة لم تكن بريطانية فقط ولكنها كانت أممية بل وعربية أيضا..فلكي يضمن البريطانيون تنفيذ السيناريو الصهيوني علي أكمل وجه للاستيلاء علي المنطقة كلها وكما تم التخطيط له منذ أمد بعيد..زرعوا لنا في كل مكان بها قنبلة موقوتة معدة للانفجار متي شاءوا هم لخدمة مصالحهم للقضاء علي الأخضر واليابس لتسهيل مهمتهم في احتلال جميع الأرض فيما بعد.. فعملت الصهيونية العالمية منذ ذلك الحين علي ضمان تدفق اليهود من شتي الدول إلي أرض فلسطين لإقامة نواة الكيان الصهيوني بها وعمدت أيضا إلي تأسيس جماعات موالية لهذه الفكرة الصهيونية اللعينة التي أججت فكرة الصراع الديني في المنطقة والعالم بأكمله..فكان لابد من وجود طرف آخر لهذا الصراع لضمان استمراريته واشتعاله كلما خبت نيرانه بعض الشيء.. فجاءت جماعة الإخوان في مصر لتكون نواة لجماعات عديدة متطرفة لاحقة جميعها خرجت من عباءتها. هذه الجماعة الشيطانية التي أسسها الصهيوني الفكر حسن البنا بدعم من المخابرات البريطانية في عام1928 أي قبل حرب فلسطين بعشرين عاما كاملة وكافية لنشر أفكارهم المسمومة بين أبناء الشعب المصري الواحد لزرع الفتنة وإثارة الضغائن بينهم بعد أن عاشوا دهورا طويلة نسيجا واحدا يجمعهم الوطن أولا دون أي تمييز عقائدي أو طائفي.. فالإخوانية التي نادي بها البنا ليست سوي فكر ماسوني مرتبط ارتباط وثيق بالصهيونية العالمية وأهدافها الاستعمارية المغلفة بغلاف ديني لجعل كل طرف من أطراف الصراع يؤمن بفكرة أنه يحارب حربا مقدسة من أجل إعلاء كلمة عقيدته.. فالصهيونية ليست مرتبطة بأتباع الشريعة اليهودية فقط بل هي متغلغلة بين أتباع الشرائع الأخري أيضا وهو ما نجحت الصهيونية العالمية في نشره وترسيخه في عقول المتطرفين علي اختلاف عقائدهم الدينية من أجل إطالة أمد الحروب في العالم وتدمير الدول مما يمكن أقطاب الصهيونية من السيطرة التامة علي مقدرات الدول لإقامة دولتهم الكبري ليس فقط من النيل إلي الفرات كما يزعمون ولكن في شتي ربوع الأرض.. ولا يزال مسلسل تدمير المنطقة العربية بأكملها مستمرا منذ إعلان ذلك الوعد المشئوم.