بالرغم من توصيف الصهيونية بأنها حركة سياسية يهودية دعت إلي قيام دولة إسرائيل في أواخر القرن التاسع عشر إلا أنها في حقيقة أمرها تنطوي علي أيديولوجية دينية في الأساس.. فدعوة يهود العالم إلي الهجرة من أوطانهم الأصلية آنذاك والنزوح إلي الأراضي الفلسطينية لم تكن دعوة سياسية وإنما دينية في المقام الأول.. فغالبية اليهود ممن يطلق عليهم متدينين يؤمنون حسب معتقداتهم الدينية بأنهم شعب الله المختار وأن فلسطين هي أرض الميعاد التي وعدهم الله إياها لإقامة دولتهم اليهودية, وهي في عقيدتهم تعني أرض الرب أو الأرض التي يرعاها الإله التي اختارها الله خصيصا لإقامة بني إسرائيل عليها والتي وعد بها نبيه يعقوب, والمعروف في العقيدة اليهودية باسم إسرائيل.. والصهاينة من اليهود والذين يعتقدون أن دولة إسرائيل هي منحة الرب لهم ينتسبون في تسميتهم صهاينة إلي جبل صهيون في القدس والذي ورد ذكره في سفر إشعياء وهو السفر الثاني عشر في التوراة والذي يتحدث عن رؤي النبي إشعياء لبني إسرائيل.. أي أن إقامة الدولة الصهيونية والمسماة بإسرائيل علي أرض فلسطين تحديدا ليس سياسيا في حقيقة الأمر وإنما ديني محض. والدولة الدينية هي دولة عنصرية بالتبعية لأنها تعتمد في أساس تكوينها علي وحدة الدين لمواطنيها أي أنها لا تعترف بأي مواطن يدين بديانة مخالفة لتلك التي أقيمت علي أساسها.. وأرض الميعاد في عقيدة اليهود التلمودية ليست هي فقط أرض فلسطين كما يظن البعض بل إنها تمتد من نهر مصر وحتي نهر الفرات الأمر الذي يفسر محاولات الصهاينة المستميتة للاستيلاء علي كل البلدان العربية الواقعة بين هذين النهرين.. ولمن لا يعرف الفرق بين التوراة والتلمود.. فالتوراة هي كتاب الله السماوي الذي أرسل به النبي موسي إلي بني إسرائيل أما التلمود فهو النصوص البشرية التي كتبها أحبار اليهود وعلماؤهم بأيديهم وحرفوا بها كلام الله عن مواضعه ليشتروا به ثمنا قليلا.. فتوراة موسي التي أنزلها الله من السماء لم تأمر اليهود بالقتل وسفك الدماء من أجل إقامة دولة يهودية دينية ولكن تلمود أحبارهم هو من أشاع بينهم هذا الفكر العنصري البغيض والذي يعتنقونه دينا من دون دين الله لتتحول كل الجرائم التي يرتكبونها في حق البشر من غير اليهود إلي عبادات مقدسة في معتقداتهم الدينية المشوهة. الصبغة الدينية هي التي جعلت مشروع تيودور هرتزل الاستعماري يلقي قبولا لدي اليهود المتطرفين في كل أنحاء العالم فتوافدوا إلي أرض فلسطين تحقيقا لنبوءاتهم التلمودية في العودة إلي تلك الأرض التي وعدهم الله بها كما يزعمون لتكون فلسطين هي المحطة التي ينطلقون منها لإقامة دولتهم الكبري من النيل للفرات كما ورد في تلمودهم.. ولأن الدين هو أكثر وأول المقدسات لدي تابعيه ولأن اليهود كانوا يسكنون شتي بقاع الأرض.. فقد عمد الصهاينة إلي زرع التطرف الديني في جميع الديانات السماوية لتأجيج الصراعات الدينية بين أتباع الديانات المختلفة بل والحروب المذهبية والطائفية بين أتباع الديانة الواحدة في منطقتنا العربية ليفرغوها من ساكنيها الأصليين ليضمنوا بذلك خلو الأرض لهم وحدهم حتي يستكملوا عليها إقامة دولتهم التي يزعمون أمام العالم أنها دولة مدنية قائمة علي العدل والمساواة بين جميع مواطنيها وهي في حقيقتها ليست إلا دولة دينية عنصرية تسعي إلي خراب دول المنطقة وتشريد شعوبها من أجل أن يستوطن بها هؤلاء الذين كذبوا علي الله وزعموا أنه منحهم حق قتل غيرهم ليكون موت الشعوب ثمنا لحياة الصهاينة.