في الوقت الذي يعاني فيه العالم من الارهاب الذي يقتل الأبرياء ويحاول زرع الفتن لتدمير الأوطان باسم الديناختتم مؤتمر الأزهر العالمي للسلام أعماله بمعانقة امام المسلمين الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الحبر الأعظم للمسيحيين بابا الفاتيكان فرانسيس وسط حالة من الحب والتصفيق الحاد والحفاوة البالغة بدأ البابا حديثه بتحية الإسلام وهي السلام عليكم وارسالهما رسالة للبشرية جمعاء بأنهم لن ينعموا بالحياة إلا بالسلام. وقال شيخ الأزهر خلال كلمته التي حازت علي اعجاب الحضور والبابا انه يلزمنا العمل علي تنقية صورة الأديان مما علق بها من فهوم مغلوطة وتدين كاذب يؤجج الصراع ويبث الكراهية ويبعث علي العنف وأنه يجب ألا نحاكم الأديان بجرائم قلة عابثة من المؤمنين بهذا الدين أو ذاك. وأشار الي أن الأزهر لا يزال يسعي من أجل التعاون في مجال الدعوة إلي ترسيخ فلسفة العيش المشترك وإحياء منهج الحوار واحترام عقائد الآخرين وأنه لا بد من الوقوف معا في وجه سياسات الهيمنة ونظريات صراع الحضارات ودعوات الإلحاد والحداثة اللادينية وما ينشأ عنها من مآس وكوارث في كل مكان. وقال اننانأمل أن يكون اللقاء خطوة حقيقية نتعاون فيها علي نشر ثقافة السلام والتآخي والعيش المشترك بين الناس لافتا الي أن زيارة البابا تجيء في وقتها تلبية لنداء الأزهر وللمشاركة في مؤتمره العالمي للسلام, هذا السلام الضائع الذي تبحث عنه شعوب وبلاد وبؤساء ومرضي, وهائمون علي وجوههم في الصحراء, وفارون من أوطانهم إلي أوطان أخري نائية لا يدرون أيبلغونها أم يحول بينهم وبينها الموت والهلاك والغرق والأشلاء والجثث الملقاة علي شواطئ البحار, في مأساة إنسانية بالغة الحزن, لا نعدو الحقيقة لو قلنا: إن التاريخ لم يعرف لها مثيلا من قبل. وشدد شيخ الأزهر علي أنه ليس الإسلام دين إرهاب بسبب أن طائفة من المؤمنين به سارعوا لاختطاف بعض نصوصه وأولوها تأويلا فاسدا, ثم راحوا يسفكون بها الدماء ويقتلون الأبرياء ويروعون الآمنين ويعيثون في الأرض فسادا, ويجدون من يمدهم بالمال والسلاح والتدريب.. وليست المسيحية دين إرهاب بسبب أن طائفة من المؤمنين بها حملوا الصليب وراحوا يحصدون الأرواح لا يفرقون فيها بين رجل وامرأة وطفل ومقاتل وأسير, وليست اليهودية دين إرهاب بسبب توظيف تعاليم موسي عليه السلام وحاشاه-في احتلال أراض, راح ضحيته الملايين من أصحاب الحقوق من شعب فلسطين المغلوب علي أمره, بل ليست الحضارة الأوروبية حضارة إرهاب بسبب حربين عالميتين اندلعتا في قلب أوروبا وراح ضحيتها أكثر من سبعين مليونا من القتلي, ولا الحضارة الأمريكية حضارة إرهاب بسبب ما اقترفته من تدمير البشر والحجر في هيروشيما ونجازاكي, هذه كلها انحرافات عن نهج الأديان وعن منطق الحضارات وهذا الباب من الاتهام لو فتح كما هو مفتوح علي الإسلام الآن-فلن يسلم دين ولا نظام ولا حضارة بل ولا تاريخ من تهمة العنف والإرهاب. بينما قال البابا فرانسيس إنه تشرق اليوم من مصر شمس أخوة جديدة علي أرض الله التي تشمل مهد الحضارة والسلام إن مصر امتزجت علي أرضها الثقافات المختلفة وأنها أرض التآلف والتآخي وهناك جبل يرمز لهذا التآلف في سيناء. وأوضح بابا الفاتيكان أن البشرية لا يمكن أن تصل إلي السلام دون الاعتراف بدور الدين في هذه العملية وأنه لابد من مواجهة التناقض الخطير من جانب يسعي الي تحديد دور الدين وابعاده عن الدور الحضاري والمدني مشددا علي ضرورة الحديث عن خطورة التمييز بين الدين والسياسات. وشدد رفضه التام لأي أشكال من العنف باسم الدين وأن نكون صانعي سلام لأننا في حاجة ماسة اليه رافضا اثارة النزاعات قائلا انه لابد أن نكون دعاة تصالح لا ناشري دمار ونحن إخوة ولذلك نعترف أننا مشاركون في مكافحة الشر الذي يهدد العالم. وشدد بابا الفاتيكان خلال المؤتمر العالمي للسلام بقاعة مؤتمرات الأزهر علي أهمية الحوار بين الأديان والثقافات قائلا انه لا يمكن بناء حوار علي الغموض وعدم الصراحة وأن الاختلاف الديني والثقافي لا يعني وجود العداوة الدينية بين الأطراف وتعليم الاحترام المتبادل والحوار المخلص مع الآخر مع الاعتراف بحرياته وحقوقه وخاصة حرياته الدينية لأن هذا الطريق الأمثل للنجاح في المستقبل ونصبح بناة حضارة حيث لا يوجد أي بديل عن اللقاء وعدم الاعتراف بمدنية الصدام ولا بد من رفض البربرية التي تدعو إلي العنف.