وسط حالة من الحزن والخوف من المجهول, تم أمس إجلاء آلاف المدنيين والمقاتلين من أربع مناطق سورية محاصرة بموجب اتفاق بين الحكومة والفصائل المقاتلة برعاية ايران ابرز حلفاء دمشق وقطر الداعمة للمعارضة. وبعد ساعات علي خروج مئات المدنيين ومقاتلي الفصائل المعارضة من مضايا قرب دمشق, دخل الجيش السوري الي البلدة التي شكلت خلال السنوات الماضية رمزا لسياسة الحصار المتبعة في سوريا. وينص الاتفاق الذي تم التوصل اليه الشهر الماضي علي إجلاء الآلاف علي مراحل من بلدتي الفوعة وكفريا الشيعيتين المحاصرتين من الفصائل المقاتلة في أدلب( شمال غرب), ومن الزبداني ومضايا المحاصرتين من قوات النظام في ريف دمشق. وبعد وصوله الي جانب الآلاف الي منطقة الراشدين الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة غرب حلب, قال ابو حسين( في الخمسينات من العمر) من بلدة الفوعة: فور صعودي الي الحافلة, انهرت تماما من الحزن وسقطت ارضا واضطروا الي اسعافي, لم استطع الاحتمال. واضاف وقد تورمت عيناه من شدة البكاء حال الناس في مضايا والزبداني مثلي تماما, اي احد يضطر الي ترك بيته لديه شعور الحزن ذاته. وبرغم امله في العودة, قال ابو حسين لا احد يعرف ماذا تخبئ له الايام. ووصلت أمس75 حافلة و20 سيارة اسعاف تقل سكانا من الفوعة وكفريا الي منطقة الراشدين, وتنتظر حاليا إكمال طريقها الي مدينة حلب. وخرجت بالتزامن عشرات الحافلات من مدينة مضايا وهي في طريقها الي محافظة حماة ومنها الي معقل الفصائل المعارضة في ادلب. وأكد المرصد السوري لحقوق الانسان خروج حتي الآن3700 مدني و1300 مقاتل موال للنظام من الفوعة وكفريا, مقابل2200 بينهم ما لا يقل عن400 مقاتل معارض من مضايا. واشار مدير المرصد رامي عبد الرحمن الي ان مقاتلي الفصائل في الزبداني ولا يتجاوز عددهم150 مقاتلا ينتظرون إجلاءهم في وقت لاحق. ومن المتوقع بموجب الاتفاق إجلاء جميع سكان الفوعة وكفريا الذين يقدر عددهم ب16 الف شخص. وبعد ساعات علي بدء عملية اجلاء, افاد عبد الرحمن عن دخول الجيش السوري الي مضايا التي اختار آلاف السكان البقاء فيها. وتحولت مضايا الي رمز لمعاناة المدنيين في سوريا بعد وفاة عدد من الاشخاص بينهم اطفال جراء الجوع وسوء التغذية نتيجة حصار طال ثلاث سنوات. وقال الطبيب محمد درويش, اثناء تواجده علي متن احدي الحافلات الخارجة من مضايا, هناك فرح كوننا تخلصنا من الازمة لكن الجو العام هو الكآبة والحزن, والغضب لا نعرف مصير الناس الذين تركناهم خلفنا, ولا نعرف مصيرنا. من ناحية أخري جدد وزير الخارجية السوري وليد المعلم, أمس نفيه استخدام الجيش السوري للأسلحة الكيماوية أو امتلاكها. وقال الوزير السوري- في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيريه الروسي والإيراني أوردته قناة( روسيا اليوم)- أؤكد لكم أننا سنواصل العمل من أجل تطهير الأراضي السورية من الإرهاب المنتشر هناك... والجمهورية السورية أعلنت مرارا أنها لا تملك سلاحا كيميائيا, وهذا بشهادة منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في عام2014. وأكد المعلم أن ما جري في خان شيخون عبارة عن عملية مفبركة, وأن الطيران السوري لم يستهدف أي هدف في خان شيخون بالأسلحة الكيماوية, نافيا استخدام الجيش للأسلحة الكيماوية ضد الشعب أو الإرهابيين. كان وزراء خارجية روسياوسوريا وإيران قد طالبوا- في ختام مؤتمر صحفي مشترك بينهم في موسكو أمس- بإجراء تحقيق دولي وشفاف عن الهجوم الكيماوي بخان شيخون بريف إدلب. وفي موسكو, أعلن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف, أن موسكوودمشق وطهران تطالب واشنطن باحترام سيادة سوريا, وبالتخلي عن القيام بخطوات تهدد الأمن في المنطقة والعالم. وقال لافروف- في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيريه السوري وليد المعلم والإيراني جواد ظريف في موسكو أمس- أكدنا موقفنا الموحد بأن الضربة الأمريكيةلسوريا تمثل عملا عدوانيا وانتهاكا صارخا لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأممالمتحدة. وأضاف ندعو الولاياتالمتحدة وحلفاءها إلي احترام سيادة سوريا والامتناع عن أي خطوات مشابهة لعملية7 أبريل, مما قد يؤدي إلي عواقب وخيمة, ليس فقط لأمن المنطقة بل وللأمن العالمي. في السياق ذاته, أشار لافروف إلي غياب رد الفعل من قبل منظمة حظر انتشار الأسلحة الكيميائية علي معلومات تقدمت بها موسكوودمشق حول لجوء المعارضة السورية لاستعمال الأسلحة الكيميائية في حلب. وأضاف أن كافة المعلومات والحقائق التي تمتلكها الحكومة السورية ومجموعة القوات الجوية الروسية في سوريا المتعلقة بأن المعارضة استعملت الأسلحة الكيميائية لم تأخذه منظمة حظر انتشار الأسلحة الكيميائية بالحسبان. وتابع هذه المنظمة لم تأخذ بالحسبان أيضا عينات تم جمعها علي الأرض, بما في ذلك في حلب مؤخرا. وفي سياق آخر, أكد رئيس مركز حميميم الروسي للمصالحة في سوريا أليكسي كيم, أن وضع اللاجئين والمهجرين السوريين في تحسن مستمر, بفضل ثقتهم بمركز حميميم والحكومة السورية. ونقلت قناة( روسيا اليوم) عن كيم قوله الناس صاروا يعودون بالتدريج إلي مناطقهم بفضل ثقتهم بمركزنا والحكومة السورية, وأملهم في استمرار جهود التسوية. وأضاف: كفل مركزنا- خلال الأشهر ال14 التي انقضت علي انطلاقه- عودة19 ألف سوري إلي مناطقهم, فيما تستمر عودة النازحين بشكل شبه يومي, حيث ضمنا أمس عودة41 أسرة معها35 طفلا, موضحا أن المركز لا ينشط في مراكز الإيواء, بل في المناطق المحررة التي يعود إليها سكانها. وأشار كيم إلي استمرار إرسال المركز المساعدات إلي مخيمات اللاجئين في عفرين ومنبج شمال حلب, بالتوازي مع توزيع المساعدات, وتقديم الخدمات الطبية.