استقل الزوج وزوجته سيارة التاكسي. كان راديو السيارة يبث آيات من الذكر الحكيم علي أثير إذاعةالقرآن الكريم وبدا سائق التاكسي الذي كان تقريبا في الأربعينيات من عمره, وعلي محياه علامات التوتر, وكأن هناك هما يشغله وحملا ثقيلا ينوء به صدره. فجأة دق الهاتف المحمول بأدعية دينية فالتقطه السائق سريعا وأصغي لمحدثه ثواني قليلة ثم إذا به ينفجر في نوبة صياح ذاكرا اسم المولي عز وجل وقائلا في صوت هائج الحمد لله الحمد لله وأخذ يكرر التحميد والثناء ثم توقف قليلا ليسأل محدثه قائلا!! وهي كويسة؟ يعني مش تعبانة؟! طيب أقدر أكلمها ولا بلاش نزعجها طيب والبنوتة حلوة يا سلام.. يا سلام أحمدك يارب. ثم بادر يسأل قائلا بتقولي أسمها ايه.. أنا مش عارف أسميها إيه!.. لكن لحظة واحدة أنا راكب معاي أستاذ ابن حلال ومعاه زوجته ومن وشهم باين إنهم ناس طيبين. ثم استطرد قائلا أنا متبارك بالزبون اللي راكب معاي هو وزوجته أنا حتجاسر وأسميها باسم الهانم اللي راكبه معاي ثم التفت إلي الزوجة وفي لهجة استعطاف قائلا لها ممكن يا هانم تشرفيني وأسمي المولودة باسمك؟ أنا متفائل خيرا لو إنك سمحتي بأن أسميها باسمك! أنا أصلي يا هانم بقالي عشر سنين متزوج وأنا بادعي ربنا يرزقني بخلقه. وعلي وش سيادتك ربنا أكرمني ورزقني بالمولودة. يضايقك لو أعرف اسمك وليكون هو اسم بنتي؟ واستطرد يقول. أوعي يا هانم تزعلي مني أصلي مش مالك أعصابي. كل هذا جري والسيارة تسير ببطء وسط الشارع المزدحم. المهم أن الزوجة قالت له أنا اسمي عفاف ومعنديش مانع تسمي بنتك باسمي وربنا يخليها لك.. وهتف السائق في المحمول قائلا لمحدثته سميها عفاف مش اسم حلو؟ إن شاء الله تكون مليانة عفاف طول حياتها.. ثم ألقي بالها بكلمات الحمد للمولي عز وجل. هنا تحركت مشاعر الكرم لدي الزوجة فطلبت من زوجها بأن يعطي السائق100 جنيه قائلة للسائق والمبلغ بسيط هدية مني لبنتك ومراتك تمنع الرجل بعض الشيء, ولكنه قبل الهدية شاكرا وحامدا ومقدرا العطاء والهدية. وعند باب النادي الذي انتهي اليه المشوار نظر الزوج إلي عداد التاكسي فإذا بالمبلغ الذي سجله العداد يزيد أكثر من جنيهين عما تعود أن يدفعه لتاكسيات كثيرة كانت تقله من منزله إلي النادي, ومع ذلك دفع المطلوب ونزل مع زوجته من السيارة مودعين السائق بالشكر والثناء والدعاء بطول العمر جلس الزوج مع زوجته في حديقة النادي وطاف بذهنه هاجس سريع ما أبعده عن ذهنه. الهاجس يقول إن ما حدث كان تمثيلية محبوكة, وأن السائق استطاع بأدائه الفريد أن يستدر عطف الزوجة مما دفعها إلي منحه مبلغ مائة جنيه للمولودة السعيدة التي في ظن الزوج أنها لم تولد أصلا, ولكنه سريعا ما طرد الهاجس متمتما بأن المرء يؤجر رغم أنفه, وأن الأعمال بالنيات, ونسي الموضوع تماما. وتمر الأيام وبعد حوالي أسابيع قليلة والزوج والزوجة يجلسان مع مجموعة الأصدقاء في حديقة النادي وإذا بالمفاجأة التي كان لها وقع الصاعقة.. ذلك أن واحدا من مجموعة الأصدقاء قص نفس ما حدث, وحكي أنه ركب مع سائق تاكسي ومعه زوجته, وكان ما كان حيث جري نفس السيناريو بل وزاد عليه أن السائق أغرورقت عيناه بالدموع, وهو يتلقي نبأ ولادة مولود ذكر بعد زواج دام أكثر من عشر سنوات وأن قدميه وقدمي زوجته حفيت ذهابا وإيابا علي الطبيب لكي ينجبا, وأن السائق رجاه أن يمنحه شرف إطلاق اسمه علي المولود وكيف أن الصديق نفحه مبلغا من المال هدية منه ونقطة للمولود. وبالطبع قابلت مجموعة الأصدقاء. ما حكاه الرجل بالشكر له علي صنيعه. هنا ابتسم الزوج ونظر إلي زوجته واضعا إصبعه علي فمه مخاقة أن تحكي الزوجة ما حدث لهما قبل أسابيع قليلة وكيف أنهما والصديق الآخر وقفوا جميعا في حبائل نصاب محتال, ولكن الذي لا شك فيه أنه السائق نصاب خفيف الظل فهو لم يسرق ولكن بصنعة لطافة وتمثيلية محبوكة استطاع أن يلهف أموالا من زبائنه عن طيب خاطر منهم.