جميل ومحمود أن يتداعي الناس للدفاع عن تاريخهم إذا سعي أحد للاساءة اليه.واكثر جمالا وحمدا أن يكون الناس علي علم وبينة بما يدافعون عنه وبما يرفضونه وعلي وعي بالظروف التي صدر فيها هذا التجاوز وعلي حذر من فخاخ قد تكون نصبت عن عمد لاستدراجهم. وزير الاعلام السوداني أحمد بلال عثمان قال في الاسبوع الماضي إن تاريخ أهرامات السودان يعود الي2000 سنة قبل أهرامات مصر وأن فرعون موسي كان سودانيا. لعل كثيرا من المصريين لا علم مسبقا لديهم بوجود أهرامات في السودان ولا بتاريخها. مع ذلك قامت الدنيا ولم تقعد علي صفحات التواصل الاجتماعي في حملة تراشق مصرية سودانية بعيدة عن مناقشة علمية لما قاله الوزير ومسيئة للعلاقات بين الشعبين المصري والسوداني. لعلم الآثار أدواته ووسائله في التثبت من تاريخ الأثر كما أن له علماءه. ولأنه علم قائم علي ما يتم استخراجه من باطن الأرض فليس فيه قول فصل نهائي الا فيما ندر لأن الأرض قد يخرج منها في أي وقت ما يقلب ما يتصوره الناس حقائق ثابتة رأسا علي عقب. لم يسأل أطراف التراشق أنفسهم هل يسيء الي مصر في شيء إذا أثبت العلم( وهو لم يثبت حتي الآن) أن أهرامات السودان أقدم من أهرامات مصر؟. وهل يضير مصر أو يمس تاريخها في شيء إن ثبت( وهو ما لم يثبت) أن فرعون موسي كان سودانيا خصوصا أن لا أحد يعرف حتي الآن يقينا في أي عصرعاش موسي ومن كان الفرعون الحاكم وقتها؟ بل إنه لو ثبت أن موسي كان سودانيا وأن فرعون عصره كان سودانيا لأراحنا هذا كمصريين لأنه يعني أن الاسرائيليين الذين خرج بهم موسي كانوا في السودان ولم يكونوا في مصر ولكفانا هذا مئونة الرد علي لغو الاسرائيليين بأنهم بنوا الاهرامات. هذه أمور المرجع فيها الي علماء الآثار في العالم كله وليس الي رأي مسيس من غير مختص. يصبح خطيئة أن يندفع متعاملو وسائل التواصل الاجتماعي من البلدين الي الإفتاء بغيرعلم خصوصا إذا أخذت الظروف التي أدلي فيها الوزير السوداني بتصريحه في الاعتبار. تزامنت تصريحات الوزير مع زيارة قامت بها الي السودان الشيخة موزة والدة أمير قطر زارت خلالها أهرامات السودان وكتبت في سجل التشريفات السودان أم الدنيا. ما بين مصر وقطر معروف. وغير معروف أيضا عن الشيخة موزة اهتمامها بالآثار بحيث تمتليء صفحات التواصل الاجتماعي بصور لها وهي تزور هذه الآثار السودانية. هل هي مجرد مصادفة أن تزور الشيخة أهرامات السودان في هذا الوقت وأن يخرج الوزير السوداني بتصريحه هذا الذي لا سند علميا له حتي الآن علي الأقل. ومن المستفيد من توتر في علاقة الشعبين إضافة الي توترات قائمة بين الحكومتين علي أمور كثيرة ومن ينفخ في نار فتنة بين الشعبين. المشترك بين الشعبين المصري والسوداني تاريخيا والذي لا جدال علميا حوله حتي الآن يعود الي علاقات تضرب بأعراقها الي عهود ما قبل التاريخ كما يقول الدكتور سليم حسن في موسوعته مصر القديمة. انساق مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي في البلدين دون تبصر الي فخ نصب بعناية للعب علي وتر تعصب كل لبلده في ضوء ما تم تصويره علي أنه إساءة لتاريخ الآخر خصوصا أن كيد النسا تعمد تأنيث السودان لكي يصبح أم الدنيا ولو خلصت النية لقيل أبو الدنيا لأن مصر هي أم الدنيا.