ارتبط الذكاء في أذهان الأغلبية بالتفكير العالي الذي نلمسه في التفوق الدراسي. لكن في عام1993 اكتشف علماء النفس أن هناك أنواعا متعددة من الذكاءات تتطور بشكل مستقل عن بعضها البعض لدي الأفراد, ولكل ذكاء منطقة في الدماغ تساعده علي أداء وظيفته بشكل منفرد عن أنواع الذكاء الأخري. علي سبيل المثال الذكاء الجسدي وهو مسئول عن تطويع القدرات العقلية لتيسير حركة واحساس الجسد بمهارة فائقة في الرقص أو الرياضة أو الألعاب الخطيرة أو الأعمال اليدوية, والذكاء الانفعالي وهو مختص بالمشاعر ويرتبط بالذكاء الروحي. ويعتبر الذكاء الروحي من أهم أنواع الذكاءات فهو ليس مجرد قدرة عقلية بل هو اتصال شخصي بين ذات الفرد وعقله وروحه ومن يحيط به من أفراد وحياة وكون, هو الوعي بالوجود والعالم المادي والقدرة علي التسامي والعيش في الحياة وفق مجموعة من المبادئ والأخلاقيات. وأهم ما يميز الذكاء الروحي هو إدراك الفرد لحجم العالم الحقيقي من حوله والاستجابة لنداء الفطرة ورؤية الجمال الداخلي في كل شيء وحديث الذات عما يدور حولها. والمحافظة علي البيئة علاوة علي السعادة وقوة الحدس والتعامل مع الأحداث الضاغطة بمرونة. وليس من الضروري أن يرتبط الذكاء الروحي بالإيمان أو بعقيدة دينية محددة, فهو قدرة عقلية يظهر مردودها علي سلوكيتنا وحياتنا اليومية,, قدرة تمنح الفرد مهارة التعامل الحكيم مع الشدائد والمستجدات المحبطة بعيدا عن الغضب الأعمي ولوم الآخرين. إن هذا الذكاء موجود لدينا جميعا ولا يحتاج لمعرفة بقدر ما يحتاج يقظة الفرد لأهميته, فالذكاء الروحي يمكن الفرد من التفكير في ذاته والوعي بمطالبها وإدراك ما يحيطه من تطورات وقدرة علي إتخاذ مواقف إيجابية عند مواجهة الأزمات, والتماس الأعذار, وهو مهارة الاندماج وحسن التكيف وضبط السلوك واستخدام الأشياء بحكمة دون أنانية أو تذمر. وإحدي أهم طرق تنمية الذكاء الروحي تكمن في التأمل والاتصال بالطبيعة وفهمها, لأن عظمة الكون ستقوي لديك الصبر وستؤكد لك أنك لست وحدك, ولا تنسي السفر داخل ذاتك لاكتشاف قدراتها, فحين تعرف نفسك وأهدافها حق المعرفة ستعرف معني الحياة السعيدة. وستلمس ذكاءك الروحي حين تدرك إنك مدهش لأن الله خصك بالعقل والجسد والحركة وميزك عن سائر الكائنات, وأنت وحدك من يقرر طبيعة سلوكه إذا كان طيبا ومقبولا أم سيئا ومرفوضا, وهذا في حد ذاته هو الإعجاز البشري وقمة الاندهاش. وأخيرا,اجتهد لترتقي بذكائك الروحي وتعلم كيف تتعرف علي نفسك وتحبها أكثر وكيف تبني علاقة صحية معها, وتعلم كيف تفهم الآخرين بعمق, وكيف تضع كل شيء في حجمه ومكانه المناسب. وتواضع لأنك مخلوق من طين, وكن نبيلا لأن الله نفخ فيك من روحه.