يسود اعتقاد عام أن الذكاء الإنسانى واحد، فالشخص الذى يقال عنه إنه ذكى فهو ذكى فى كل أمور الحياة، ومن يقال عنه إنه ليس كذلك أو ذكاؤه محدود فهو لا يصلح إلا فى أمور محددة. هذا الاعتقاد رسخته مجموعة من النظريات التى اختزلت القدرات والإمكانات الإنسانية فى الذكاء اللغوى أو المنطقى الرياضى، بحيث أصبح الإنسان نصف ذكياً، وأن ذلك الشخص الذى يتوافر له إمكانات لغوية فى التعبير والتركيب والصوت والتداول اللفظى، أو الشخص الذى يستنتج ويستنبط ويستعمل الاستدلال المنطقى المجرد أو البراهين الرياضية المعقدة يعتبر شخصا ذكيا ويقاس نسبة قدراته العقلية على حسب ما تقيسه اختبارات الذكاء. ولكن ظهرت فى السنوات الأخيرة نظرية حديثة فى الذكاء والتى أقرت بوجود ذكاءات متعددة لدى الفرد، وإنه يمكنه تنمية تلك الذكاءات بعدة وسائل، كما إنها تنشط عبر الخبرات المبكرة وهى نقطة التحول فى تنمية مواهب الشخص وقدراته، على سبيل المثال حين كان إينشتاين فى الرابعة من عمره أطلعه والده على بوصلة ممغنطة، وقد قال إينشتين فيما بعد وهو راشد أن هذه البوصلة اعطته الرغبة فى أن يستقصى ألغاز الكون، وهذه الخبرة فى الأساس نشطت عبقريته النائمة، ودفعته إلى البدء فى رحلته نحو الكشوف، وإن كانت هناك خبرات مبكرة يكتسبها الطفل، فهناك خبرات تؤدى إلى وقف نمو الذكاءات المتعددة مثل أن يكون طفل يقدم عملا مبدعا إلى مدرسه فيهينه أمام زملائه، أو طفل آخر يحاول العزف على آلة موسيقية فيوبخه والده، ويطلب منه التوقف عن الإزعاج، فبذلك هى عملية قابلة إما للنمو، أو التوقف. تقول د. هبة سامى شكرى أستاذ فسيولوجى جامعة القاهرة من الممكن تقسيم الذكاء الى ثمانية أنواع حتى نتعرف على قدرات أطفالنا ونستطيع أن ننميها: الذكاء اللغوى ويتضمن حساسية الفرد للغة المنطوقة والمكتوبة، وعلى استعمالها فى تحقيق بعض الأهداف، والتعبير عما يدور فى النفس بشكل بلاغى أو شاعرى، وهى تعنى تذكر المعلومات، ولذلك نجد أن الكتاب والشعراء والمحامين والخطباء يمتلكون بشكل كبير هذا النوع من الذكاء، بالإضافة الى القدرة على تعلم اللغات. أما الذكاء المنطقى الرياضى فيشتمل على القدرة على تحليل المشكلات منطقيا ، وتنفيذ العمليات الرياضية، وتحرى القضايا علمياً، بالإضافة الى القدرة على اكتشاف الأنماط والاستنتاج والتفكير المنطقى ويرتبط غالباً بالعلوم والتفكير الرياضى. وهناك الذكاء الموسيقى الصوتى أو النغمى ويتضمن مهارة فى الأداء، وتذوق الأنماط الموسيقية وأيضاً القدرة على التعرف وإعداد الدرجات الموسيقية والنغمات والإيقاعات. والذكاء الجسمى الحركى ويستلزم ذلك إمكان استخدام كامل الجسم أو أجزاء منه لحل المشكلات، والقدرة على استخدام القدرات العقلية لتنسيق حركات الجسم، خاصة أن النشاط العقلى والطبيعى ذو علاقة بهذا النوع من الذكاء. أما الذكاء المكانى فيشتمل على إمكان التعرف واستعمال الأماكن المفتوحة، وكذلك المساحات المحصورة. والذكاء الشخصى الاجتماعى يهتم بالقدرة على فهم نيات ودوافع ورغبات الآخرين، ومعنى ذلك أنه يسمح للجميع للعمل بفاعلية، ونجد أن بعض الأعمال مثل المربى ومندوبى المبيعات ورجال الدين والقادة السياسيين والمستشارين يحتاجون إلى شكل متطور من هذا النوع من الذكاء. والذكاء الشخصى الذاتى ويستلزم القدرة على فهم النفس «الذات»، وأن يقدر الفرد مشاعره ومخاوفه، وأن يمتلك نموذجا عمليا فعالا عن نفسه، بحيث يكون قادراً على استعمال المعلومات فى الحياة. أما الذكاء الثامن فهو ثلاثة أنواع مرتبطة بعضهم ببعض وهو الطبيعى والروحى «الوجدانى» والوجودى الإنسانى «اسلأخلاقى». وتؤكد د. هبة أن هذه الذكاءات نادرا ما تعمل بشكل مستقل، فهى متممة لبعضها البعض، وغالباً ما تعمل فى نفس الوقت عندما يستخدم الفرد مهاراته أو يحل مشكلاته.