«يا فاشل.. يا فاشل.. يا فاشل» كلمات يرددها أولياء الأمور كثيرا على مسامع الأبناء. ولكن فى الحقيقة لا يوجد انسان فاشل، فنحن صناعة ربانية وليست بشرية، وكما يقول الله تعالى «صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة». لذا، فإن المشكلة تكمن فى تبنى المصريين قناعة بأن النجاح يتمثل فى الحصول على أعلى الدرجات فى الامتحانات، وهو ما أنتوى تعديله فى هذا المقال. عزيزى ولى الأمر، هل تعلم ان هنرى فورد مؤسس صناعة السيارات فى الولاياتالمتحدةالأمريكية لم يلتحق بالجامعة، وأن وليم شكسبير لم يكمل المرحلة الاعدادية، وأن وينستن تشرشل الذى قاد المملكة المتحدة الى النصر فى الحرب العالمية الثانية لم يتفوق يوما فى المدرسة؟ وأنت مازلت تصر على تصنيف أبنائك وفقا لدرجات الاختبارات التى يجتازونها بنهاية كل فصل دراسى!!! والأسوأ من ذلك أن تجبرهم على تكرار قصص نجاح الآخرين دون مراعاة أن التنوع البشرى سنة كونية أودعها المبدع فى خلقه. هل تعلم أن لاعب كرة القدم الذى لم يحصل على شهادة جامعية يمتلك على الأقل ثلاثة أنواع من الذكاءات: فهو يمتلك ذكاء جسمياً حركياً يتمثل فى قدرته على الجرى وركل الكرة، كما يمتلك ذكاء مكانياً يتضح فى قدرته على توجيه حركته فى الملعب وتوقع مسار الكرة، وذكاء لغوياً يظهر فى قدرته على النجاح فى مراوغة الحكم بالحجج. ولا ينتهى الحديث عن نماذج لأشخاص اكتشفوا ذواتهم وتفوقوا وأصبحوا مبدعين فى شتى مجالات الحياة. فلا يوجد شخص غبى، ولكن يوجد أنواع متعددة من الذكاءات يمتلكها جميع الأفراد. وتتفاوت نسب هذه الذكاءات بين الأفراد، فبعضها قد يكون متطوراً جدا وبعضها قد يكون متواضعاً والبعض قد يكون منخفضاً. هل تعلم أن أنواع الذكاءات تعمل بطرق مركبة، فلا ذكاء يوجد بذاته فى الحياة ولا توجد مجموعة مقننة من الخصائص ينبغى أن تتوافر لدى أى شخص ليكون ذكياً فى مكان معين ولكن يوجد ثراء وتنوع فى الطرق التى يظهر بها الأبناء مواهبهم. فقد يتميز ابنك بالذكاء اللغوى والذى يتضح فى قدرته على الإقناع واستخدام اللغة بفاعلية. وقد يتمتع بذكاء منطقى رياضى يظهر فى قدرته على الاستدلال الجيد، إدراك العلاقات والأنماط المنطقية، واستخدام الأعداد بفاعلية. وربما يمتلك الذكاء المكانى الذى يتمثل فى القدرة على إدراك العالم البصرى المكانى بدقة والقدرة على تحويله. وربما يتسم بالذكاء الجسمي الحركى الذى يظهر فى دقة استخدام الفرد لجسمه. وقد يتمتع بالذكاء الموسيقى الذى يظهر فى إدراك الصيغ الموسيقية وتمييزها وتحويلها والتعبير عنها. وقد يمتلك الذكاء الاجتماعى الذى يتضح فى القدرة على إدراك أمزجة الآخرين ومقاصدهم والحساسية لتعبيرات الوجه والايماءات. وأخيرا، لا داعى للتصنيف والاكراه وإصدار الأحكام ولكن أتمنى أن يأتى اليوم الذى يقول فيه كل ولى أمر لابنه «ما تحاولش تبقى حد تانى إلا نفسك.. دور فى نفسك أكيد هتلاقى حاجة محدش فيها يقدر ينافسك» رئيس لجنة المرأة بوفد العريش