كان الحاج أحمد يجلس متربعا في المندرة بعد صلاة الجمعة من كل أسبوع.. مائدته العامرة تستقبل القريب والغريب.. أبناؤه يحملون صواني الشاهي مهللين ومرحبين بضيوفهم. جلبابه الفضفاض وابتسامته المشرفة ترسم تفاصيل الفرح بين عدد كبير من الفلاحين البسطاء القادمين من أعماق الريف, يحمل همومهم وأحلامهم المكتوبة علي الورق إلي مجلس الشعب, يذهب أسبوعيا للمسؤولين بحثا عن بعض حقوقهم الضائعة. في زحمة الناس.. يتسلل وليد ابن ال18 عاما, يهمس لوالده بقصة فريق قريتهم الكروي الذي يحقق الانتصار تلو الآخر.. يضحك الحاج أحمد وهو يردد الكورة طيرت عقول الشباب يبتسم الجميع فيرد الفتي الطموح متحديا: سيأتي اليوم الذي نكبر ونهزم فريقك المفضل.. يقصد الأهلي!! تذكرت هذه القصة التي جرت تفاصيلها في قرية هويدي بالفيوم قبل28 عاما, حين فاز هذا الفريق علي الزمالك قبل أيام وانفرد بوصافة الدوري المصري, حيث كان الحاج أحمد هويدي عضوا في مجلس الشعب, وابنه وليد طالبا في الثانوية العامة, أما الفريق فكان وقتها يحمل اسم الأسرة والقرية هويدي قبل أن يتحول إلي مسماه الحالي ويصبح صائدا للكبار.. ومرعبا لأندية الوسط. ضيعتنا الأيام في دروبها الطويلة.. ولم أتابع تفاصيل الولادة الحقيقية للفريق الذي جعلني أشعر بالزهو وأنا أشاهده يغربل الفريق تلو الآخر.. شعرت بالكبرياء وأنا أشير نحول الشاشة الفضية وأقول: هؤلاء أبناء قريتنا! تحول فريق هويدي إلي الفراعنة قبل أن يصبح مصر المقاصة ويتأهل علي رأس مجموعة الصعيد إلي الدوري الممتاز قبل7 سنوات فقط, بل ويحقق المركز السابع في البطولة في نفس العام, استفاد وحده من ثورة يناير ونجح في سنوات معدودة أن يحول المستحيل إلي حقيقة تسير علي قدمين! قصة نجاح لابد أن يحكيها بلدياتي وليد هويدي بكل تفاصيلها.. بل يفترض أن تدخل سجلات الاتحاد المصري لكرة القدم ونصدرها إلي الفيفا.. فالمجد لصناع التاريخ وليس لبائعي الأوهام!ت