سلطت وسائل الإعلام العالمية الضوء علي قرار الصين بحظر استيراد الفحم من كوريا الشمالية, مؤكدين أنه يمثل توجها جديدا للسياسة الصينية ويعكس مدي التغيير الذي طرأ علي إستراتيجيتها تجاه كوريا النووية بعد إجرائها للتجارب الصاروخية الأخيرة متحدية بذلك قرارات مجلس الأمن وكذلك الصين التي طالبتها مرارا بوقف أنشطتها النووية لما تمثله من مخاطر علي دول المنطقة ومن جانبها أكدت صحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست الصينية إنها إشارة مهمة وقوية من بكين تؤكد من خلالها رغبتها في التعاون مع واشنطن لكبح جماح جارتها النووية وذلك بعد شكاوي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتكررة. وأضافت أن بكين ترغب في كسر الجمود بينها وبين واشنطن والذي زاد بشكل كبير منذ انسحاب بيونج يانج من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية في عام2003 حيث كانت الصين تقف دائما بجوار حليفتها بيونج يانج رغم الانتقادات والعقوبات التي فرضت عليها بسبب أنشطتها النووية. وأدرك صناع القرار في بيونج يانج التحول الجذري في السياسات الصينية وهو ما دفع الزعيم الكوري كيم جونج أون إلي اتهام بكين بالرقص علي أنغام أمريكا, وسرعان ما أرسل كبير الدبلوماسيين في بلاده إلي بكين لإجراء محادثات سرية, إلا انه لم يع حتي الآن أهمية الصين كحليف استراتيجي لدولته فلم تكن بكين هي المصدر الغذائي الأول لشعبه فقط بل كان يعتمد عليها في حصص بلاده من الوقود كما أنها لعبت دورا حاسما للحفاظ علي نظام بيونج يانج من الانهيار وجنبته تكرار المجاعة التي شهدتها البلاد عام1990, ورفضت الصين طوال السنوات الماضية اتخاذ أي إجراء صارم ضد الدولة الشيوعية الفقيرة خوفا من انهيارها وهو الأمر الذي سيترتب عليه تدفق موجة كبيرة من اللاجئين علي الحدود الصينية وقد تشهد البلاد فوضي هي في غني عنها, ومن ناحية أخري ستترك الساحة فارغة لواشنطن لتوسع نفوذها في المنطقة. واتفقت صحيفة واشنطن تايمز الأمريكية مع رأي الصحيفة الصينية مؤكدة انه تحول حقيقي في سياسات بكين لم نشهده من قبل بعد تأكيدها أن حظر الاستيراد جاء تنفيذا للعقوبات المفروضة من الأممالمتحدة ضد بيونج يانج بسبب تجاربها النووية. وللأسف فقد فشلت الصين في ترويض الزعيم الشاب منذ صعوده إلي السلطة في عام2011, ورغم أن الرئيس الصيني شي جين بينج اجتمع مع نظيره الكوري الجنوبي عدة مرات إلا أنه لم يجتمع مع كيم مرة واحدة, وهي الكارثة التي لم يدرك تبعاتها كيم الذي أصر منذ جلوسه علي كرسي الحكم علي تطهير كبار المسئولين ذوي الصلة ببكين خوفا من أي مؤامرة قد تحاك ضده, كما أمر بتكثيف العمل علي التجارب النووية والصاروخية ضاربا باعتراضات الصين عرض الحائط, وفي خلال5 سنوات فقط من توليه الحكم نفذت بيونج يانج36 اختبارا للصواريخ الباليستية و3 تجارب نووية. وهو الأمر الذي أكد لبكين أن التقاعس وغض البصر عن أفعال كوريا يهدد مكانتها الدولية ويتناقض مع مصالحها الوطنية, كما أن امتلاك بيونج يانج لأسلحة دمار شامل يشكل خطرا كبيرا علي أمنها القومي وليس أمن كوريا الجنوبية واليابان وأمريكا فقط.