لا شك أن الأحداث المأساوية التي تشهدها ليبيا منذ إندلاع الثورة ضد نظام العقيد معمر القذافي وحتي الآن أدت الي وقوع خسائر اقتصادية عالمية كبيرة سواء للاقتصاد الليبي والتي تراجعت معدلاته بصورة ضخمة أو بالنسبة للاقتصادين الأوروبي والأمريكي اللذين يعتمدان علي النفط الليبي بالاضافة الي خسائر دول الجوار وفي مقدمتها مصر وتونس والجزائر. وذكر تقرير أن دراسات اقتصادية توقعت أن يبلغ حجم الخسائر الاجمالية للشركات الأجنبية والأوروبية بوجه خاص نتيجة العمليات العسكرية ضد ليبيا نحو50 مليار دولار. وأضافت الدراسات أن نحو80% من حجم صادرات النفط الليبي الي دول جنوب أوروبا بنسبة15% من حجم وارداتها الكلية مضيفة أن حجم الاستثمارات الاجنبية في ليبيا في السنوات الأخيرة بلغت200 مليار دولار. وفي السياق نفسه سجلت الواردات الليبية خلال الثلاث أشهر الأولي من2011 انخفاضا بنحو35%, شملت الأسمنت ومواد التجميل والمواد المعدنية وطوال2010 كان نسق الواردات الليبية في حدود6,8 ملايين دينار أما اليوم فهو لا يتعدي مليون دينار علما أنه كان متوقفا تماما منذ20 فبراير وحتي3 مارس الماضي. وسجلت الصادرات بشكل عام هبوط ب26,5% خلال الثلاثي الأول من هذا العام مقارنة بالثلاثي نفسه من2010 وذلك رغم تزايد الطلب من الأسواق العالمية وارتفاع الأسعار فيها, ذلك أن المشكل يكمن في توقف نشاط المؤسسات المصدرة, كما بلغت نسبة التضخم3,1% حتي الآن مقابل4,9% خلال الفترة نفسها من2010, علما بأن نسبة التضخم المستهدفة في الميزان الاقتصادي تبلغ3,5%. ومن جانبه كشف المجلس التصديري للصناعات الغذائية في مصر عن أن حجم الخسائر التي تعرض لها القطاع بسبب فقدان أسواق ليبيا واليمن والبحرين التي تشهد اضطرابات سياسية تتجاوز المليار جنيه, مطالبا بزيادة الحوافز التصديرية لتجاوز الأزمة الراهنة والحفاظ علي المكاسب المحققة خلال الفترة الماضية. وذكرت( شينخوا) نقلا عن وزارة التجارة الصينية أن الصين منيت بخسائر اقتصادية شديدة نتيجة للاضطرابات السياسية في ليبيا وان مواقع ومعسكرات لسبع وعشرين شركة صينية للانشاءات تعرضت للهجوم والنهب وسط الاضطرابات في ليبيا وقالت الوزارة إن الصين منيت بخسائر اقتصادية واسعة النطاق في ليبيا بما في ذلك نهب مواقع للعمل وحرق وتدمير مركبات وادوات وتحطيم معدات مكاتب وسرقة أموال نقدية. ولم تذكر الوزارة القيمة النقدية للخسائر لكنها قالت إن هناك عددا قليلا من الإصابات بين الصينيين في ليبيا في حين لا توجد أي تقارير عن وفيات واضافت أن36 ألف مواطن صيني يعيشون في ليبيا وأن75 شركة صينية لها عمليات في البلاد وقال ما تشاوشيوي المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية أن الصين ستواصل العمل علي الأرض لحماية مصالح البلاد. وفي السياق ذاته ذكرت تقارير اقتصادية دولية أن الثورات الشعبية لها اثر كبير علي عملية التعافي الاقتصادي وخصوصا من الدول المصدرة للنفط والغاز مثل ليبيا الآن حيث أدت الثورات الشعبية في الوطن العربي الي ارتفاع أسعار النفط الي مستويات جديدة خلال الفترة الماضية حيث ارتفع خام برنت الي مستويات ما فوق115 دولارا للبرميل وارتفع خام تكساس الي مستويات100 دولار تقريبا, كما أدت أيضا الثورات لارتفاع أسعار السلع بشكل واضح حيث ارتفعت أسعار الذهب الي مستويات1418 تقريبا بينما سجلت الفضة أعلي مستوياتها منذ30 عاما الي مستويات32 دولارا تقريبا. وأضافت التقارير أن ارتفاع أسعار النفط بشكل عام له تأثير سلبي علي عملية التعافي الاقتصادي من الجهة الأولي هو ارتفاع أسعار النفط في ظل عدم وجود انتعاش اقتصادي واضح الي الآن حيث لازالت تعاني اقتصادات بعض الدول من انكماش في اقتصادات مثل بريطانيا, الاتحاد الأوروبي, اليابان, استراليا ونيوزيلندا وغيرها وعلي ذلك فإنه من الممكن أن يكون هناك تدخل من بعض المنظمات النفطية لكن التدخل لا يجب أن يكون كلاميا حيث أن التدخل الكلامي لن يجدي نفعا في هذه الأوقات فمن الممكن أن نري منظمة أوبك تستخدم بعض الأدوات لكبح جماح هذه الارتفاعات.