في تراجع واضح في حدة ووضاعة تصريحات الجانب التركي نحو مصر, قال الرئيس التركي رجب أردوغان إنه شخصيا سيعتمد في العلاقات بين مصر وتركيا علي التطورات خلال الفترة المقبلة,وأن تركيا تنتظر خطوة إيجابية تحدث من الجانب المصري, وعندها سيتم حل جميع المشكلات بين البلدين. وأن اتخاذ أي خطوات إيجابية من قبل مصر وخاصة العفو عن السجناء السياسيين هناك لن يساهم فحسب في إحلال السلم الاجتماعي فيها, بل سينشئ بيئة صحية علي صعيد العلاقات المصرية مع الدول الأخري وأن مصر من بين أكثر الدول تأثيرا في المنطقة, ولدينا علاقات تاريخية متينة وقوية معها, وأن الشعب المصري من أقدم الشعوب الصديقة لنا, وليست لدينا أي مشكلة مع إخواننا المصريين, ولا يمكن أن يكون وان علاقاتنا الدبلوماسية مع الحكومة المصرية حاليا في مستوي القائم بالأعمال في السفارة, أما العلاقات في مجالات العولمة والاقتصاد والتجارة فهي مستمرة, وأنالجانب المصري قام بدعوة رجال الأعمال الأتراك إلي القاهرة بقيادة الاتحاد التركي للغرف والبورصات.. هذه خطوة ضرورية. فما هي الخطوات الايجابية التي يريدها أردوغان من مصر؟. أردوغان قام بجولة خليجية مؤخرا عرض خلالها تصور تركيا حول إقامة حلف سني في المنطقة يواجه الدول التي تختلف معه في المذهب الديني والسياسي مثل سورياوالعراق وإيران واليمن, وهو بالطبع يعرف يقينا أن هذا الحلف لن يري النور ولن يكتب له النجاح طالما ظلت مصر خارج هذا الحلف الجديد, وهو يريد من مصر أن يعود الاخوان الي الواجهة السياسية وعفا الله عن الدماء التي أهدرت والتفجيرات والحرائق والمؤامرات التي ارتكبتها الجماعة, ولا تزال في حق الشعب المصري طوال80 عاما كاملة وليس الآن فقط. هو يريد من مصر لكي تكون علي الهوي التركي العنصري أن تفرج عن المحكومين بأحكام نهائية من جماعة الاخوان والمتحالفين معهم كشرط لعودة العلاقات مرة أخري وأردوغان يقول ذلك علانية وهو يعتقل الآلاف من الأتراك دون محاكمات تذكر لمجرد أنهم يعارضون حكمه, بل أنه يطالب أمريكا بتسليم عبد الله جولن الذي حاول معارضته, ولذلك فان مصر لن تلتفت إلي تراجعات أردوغان تجاه مصر, وسيأخذ القانون مجراه ضد كل من ارتكب جريمة في حق الوطن والشعب ولن تنخرط مصر في أحلاف سنية أو غيرها مهما تكن الإغراءات وبريق الشعارات, لأن مصر أكبر من ذلك بكثير ومصر لا تذهب لأحد بل الجميع يخطب ودها لأننا نريد أن نبني بلدنا بعيدا عن التطرف والتحزب الأعمي, والطائفية المقيتة ولا تتدخل في شأن داخلي لأحد, وستظل مصر منارة الإسلام بسماحته وقبوله للآخر بكل المذاهب والأديان, ومقصدا لكل مظلوم ومقهور. سيفشل أردوغان في مسعاه الطائفي,لأنه يفعل ذلك بعد أن أصابه القلق مع التقارب المصري العراقي والنجاح المصري الكبير في الأزمة الليبية بقيادة الفريق محمود حجازي والموقف المصري المشرف من الأزمة السورية, والاتصالات المصرية مع الأطراف اليمنية والاستقرار الداخلي ورفض الناس لفكر الاخوان ولذلك ذهب مذعورا للخليج لعل وعسي ولكنه فوجئ بالطلب الخليجي بضرورة تحسين العلاقات مع مصر, وأهداف أردوغان لا تخفي علي أحد سواء في مصر أو في دول الخليج فقواته العسكرية تحتل مدنا سورية وعراقية مثل مدينة الباب ومدينة بعشيقة وغيرهما وطائراته تقصف مناطق الأكراد في شمال العراق وزبانيته الأشرار يعبثون في ليبيا وتونس ولبنان واليمن, فأي حلف سني يريده أردوغان هو فقط يريد فتنه طائفية, وحربا لا نهاية لها بين السنة والشيعة تستدعي ذكريات الماضي الأليم, وهو الهدف الأسمي للماسونية العالمية ولذلك فمصر ترفض دعوته حتي لو أبدي مزيدا من الأسف والتراجع.