كلمة الخطاب الديني من الكلمات التي شاعت علي ألسنة دعاة التجديد والتحديث علي اختلاف توجهاتهم, وتنوع مشاربهم, وتعدد أهدافهم, وكذلك انتشرت هذه الكلمة علي ألسنة المثقفين, وفي وسائل الإعلام مرئية ومسموعة ومقروءة, وأيضا في أدبيات دعاة الإصلاح بوجه عام. إذن فالكلمة مألوفة, ولكنها مع ذلك غير محددة الأبعاد, وغير معلومة في استخداماتها ومآلاتها. والواجب الشرعي يحتم علينا تحديد المفاهيم, وبيان الدور الذي يلعبه في هذا التجديد لخطابنا الديني, فكثير من المفاهيم التي لو حددت تحديدا دقيقا مع مراعاة السياق ومعرفة دلالة الألفاظ علي معانيها التي وضعت لها لغة, وبيان ما إذا كان المعني الوضعي مرادا أو غير مرادا, وهل المعني المفهوم من المنطوق مقصود الشارع أم أن المفهوم هو المراد المقصود؟ وهل قصده من قبيل القياس الأولي أم من قبيل القياس المساوي, وإن شئت قل من قبيل فحوي الخطاب أم من قبيل لحن الخطاب؟ وما أكثر المفاهيم المغلوطة التي اعترت خطابنا الديني علي أيدي فئة متشددة لا تملك من أدوات العلم ما يؤهلها لذلك, والتي لو وضعت في إطارها الصحيح من قواعد العلم وقوانين الشرع لأدي ذلك دورا بارزا في تجديد الحطاب الديني, كمفهوم الجهاد والحلافة والحاكمية, ومفهوم دار الإسلام, ودار الكفر, وغير ذلك من المفاهيم التي أخرجت من إطارها الشرعي الصحيح, فأصبحت من أدبيات الخطاب الديني المتشدد الذي أساء إلي الإسلام إساءات بالغة, مما جعل خصوم الإسلام وللأسف الشديد يحكوم علي الخطاب الديني مطلقا حكما جائزا. وعلماء الأزهر بشتي تخصصاتهم معنيون بتحديد هذه المفاهيم وتجلية المفهوم الصحيح لها وإبراز الوجه الذي تقصده الأدلة الشرعية, وتؤيده دلالات اللغة بقوانينها, فمتي قام علماؤنا بهذا الجانب يكونون قد قاموا خدمة جليلة للإسلام. وللحديث باقية