قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمنع دخول مواطنين من سبع دول كلها إسلامية الي الولاياتالمتحدة بذريعة محاربة الإرهاب يعيد الي الواجهة مرة أخري جدلية قائمة حول العلاقة بين القانون والأخلاق والعدالة. فالقانون في مجمله هو مجموعة من القواعد تحكم وتنظم سلوك الأفراد في الجماعة وتوفق بين مصالحهم ويفرض علي مخالفها جزاء توقعه السلطة العامة. ومن بين الضوابط التي يفترض وجودها في القانون أن تكون القاعدة غير مخصصة فيما تضعه من أحكام بشخص أو أشخاص معينين بذواتهم أي أن تكون مجردة بمعني أنها غير موجهة الي شخص بعينه أو واقعة بذاتها وإنما العبرة في التجريد تكون بعموم الصفة. التجريد هو النقيض للتخصيص والتمييز ومن هنا تبرز إشكالية العلاقة بين القانون والأخلاق كما تتبدي فيما أقدم عليه ترامب كما تبرز أيضا إشكالية مفهوم العدالة ونسبيتها في القانون علي حين أنه مطلق في الأخلاق. حتي منتصف القرن التاسع عشر كانت تجارة الرقيق أمرا قانونيا ومشروعا في العالم كله وكانت أسواق النخاسة حيث يباع الرجال والنساء ويشترون شأنها شأن الأسواق الأخري التي تبيع سلعا مختلفة. لكن هذه التجارة علي الجانب الآخر لم تكن أخلاقية ولا عادلة لأن الإنسان ليس سلعة ولا ينبغي وتحول الأمر الي جريمة يعاقب مرتكبها فيما أصبح يعرف الآن بتجارة البشر وهو يشمل أي وكل استغلال قسري لإنسان من قبل إنسان آخر. القانون منظم للسلوك لكنه ليس بالضرورة أو دائما مستهدف للعدالة أو المساواة وهو نسبي ومتغير ومتفاوت من مجتمع الي آخر. كان حرمان النساء من حق الانتخاب والترشح قانونا ولا يزال في قليل من دول العالم لكنه لم يكن أخلاقيا ولا عادلا شأنه شأن عدم المساواة في الأجر في العمل الواحد بين الجنسين. المثلية الجنسية خطيئة أخلاقية في كل الأديان وكانت جريمة قانونية حتي نهاية النصف الأول من القرن العشرين لكنها أصبحت الآن في قوانين عدد متزايد من الدول حقا قانونيا يقع من يعترض عليه تحت طائلة القانون. قد يكون ما أقدم عليه ترامب عمل من أعمال السيادة.. وإن كان هذا مثار جدل وخلاف داخل الولاياتالمتحدة لكن الأمر المؤكد أنه عمل غير أخلاقي وغير عادل حيث يتداخل ما هو قانوني مع ما هو أخلاقي وما هو عادل ولعل ذلك يفسر المظاهرات التي اندلعت في الولاياتالمتحدة ودول أخري تحترم قيمة الإنسان. فقرار ترامب بحظر دخول المسلمين من ست دول عربية وإيران هو قرار عنصري لأنه صنف جميع مواطني هذه الدول تحت عنوان الإرهاب علي الرغم من أنه ومنذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر2001 لم يثبت أن أيا من مواطني هذه الدول قد ارتكب أو تورط في عمل إرهابي داخل الولاياتالمتحدة. والقرار أيضا طائفي تمييزي لأنه استهدف أتباع ديانة معينة بحيث صنف كل المسلمين من أبناء هذه الدول علي أنهم إرهابيون أو يشكلون خطرا إرهابيا علي الولاياتالمتحدة وهو أمر قابل لأن يمتد ليشمل المسلمين في دول أخري. والقرار غير أخلاقي وغير عادل لأنه ليس قائما علي تحديد فعل معين محدد له عقوبة مقررة وإنما هو تعميم قائم علي افتراض لا دليل عليه يؤدي الي تشتت أسر وتمزيق أواصر. الصمت الرسمي عربيا وإسلاميا في مواجهة القرار الذي يعارضه بشدة متظاهرون في غالبيتهم غير مسلمين كاشف لحالة الخنوع والخوف والعجز العربي والإسلامي من ناحية ودليل من ناحية أخري علي أن القانون فيه زينب.