الحشود التي تخرج اليوم في جمعة رد الجميل للقوات المسلحة تعبر عن مشاعر وأحاسيس الشعب المصري بكاملة من أقصي البلاد لأقصاها, وهذه المشاعر الفياضة والأحاسيس الصادقة ليست وليدة الأمس القريب ولكنها ذات جذور تعود الي تاريخ حافل بالبطولة والتضحية والفداء للذود عن الوطن والدفاع عن كل حبة من رماله الطاهرة. تحمل الذاكرة تلك اللحظات الحاسمة عندما احتضنت الجماهير الغاضبة وقت عنفوان الثورة وذروة أحداثها المتلاحقة وقد خفقت القلوب خوفا علي مصر من مصير يماثل تجارب تحيط بنا, احتضنت أبناء القوات المسلحة الباسلة بعد نزولها للشوارع والميادين حماية للثورة وللأمن القومي ولتعطي رسالة عاجلة وفورية بأن الجيش المصري كان وسيظل أبدا مع الشعب, وتناقلت وكالات الأنباء اللقطات والصور التي تظهر التلاحم في أروع معانيه, وساعتها فقط التقط العالم أنفاسه واطمئن علي مصر. كان الموقف بالغ الخطورة والدقة والقسوة في آن واحد حين قامت الوحدات العسكرية بالمهام الأمنية لتأمين الوطن والمواطن ضد حالة الانفلات المخيفة التي أشاعت الذعر والرعب لدي الجميع من نساء وأطفال ورجال داخل البيوت والشوارع التي عاشت أياما لا تنسي, وبمرور الوقت انتقلت أجواء الثقة والتفاؤل من وجوه الضباط والجنود من أبناء قواتنا العسكرية الباسلة الي الأهالي لتعيد أليها الاتزان مرة أخري. ولسنا في حاجة للتذكير بأن البيانات الواضحة والتحية العسكرية لأرواح شهداء الثورة كانت العلامة الحاسمة التي تؤكد أن الجيش البطل هو الحامي لهذه الثورة ومطالبها منذ لحظتها الأولي والي أن تتحقق كاملة. وخير أجناد الأرض يعرفهم الأعداء قبل الأصدقاء, وقد أثبتت الحروب التي خاضوها شجاعتهم النادرة وقوة البأس التي تتفوق علي أحدث الأسلحة والمعدات, ومازالت الأساطير المتداولة عن تفاصيل حرب أكتوبر المجيدة والعبور العظيم في السادس من أكتوبر عام1973 تثير الرعب في قلوب الأعداء والمتربصين بمصر أيا كانوا. التحية كل التحية الي رجالنا البواسل من المصريين جميعا, في كل مدينة وقرية علي امتداد ربوع الوطن الذي ينهض من جديد بعزم وعزيمة لا تلين, تماما مثل قواته المسلحة الباسلة.