إن الناظر في أحوال المسلمين اليوم يجد غياب قيمة النظام من حياتنا إلا من رحم الله, عز وجل, رغم أن ديننا دين النظام; فالإسلام دين يدعو إلي النظام في كل شيء ومن ينظر إلي توجيهات الإسلام وتشريعاته وأحكامه يجد أنه دين منظم في جميع شئونه, يأمر بالنظام ويهتم به في كل جانب من جوانب الحياة, ومن المؤسف أننا اليوم أكثر الأمم إهمالا للنظام, ومظاهر هذا الإهمال كثيرة في حياتنا نلحظها ونلمسها جميعا في تعاملاتنا اليومية; سواء في الأماكن التي نرتادها لتسيير المعاملات, أو في أماكن البيع والشراء أو عند ركوب وسائل المواصلات المختلفة, أو في عدم احترام آداب الطريق وحقوقه وإشارات المرور, وذلك كله نتيجة التدين الشكلي والفهم السطحي لمعني العبادة في الإسلام ومنظومة القيم التي تغرسها هذه العبادة لمن أداها حق الأداء ومنها قيمة النظام. فالعبادات في الإسلام تحظي بكل مظاهر النظام تدريبا وتربية للمسلمين علي التزام النظام في سائر حياتهم, فالصلاة مثلا تغرس في المسلم قيمة النظام, فلقد نظم الإسلام وقت أدائها, فأنت تصلي في اليوم والليلة خمس مرات في أوقات محددة لايصح أن تتأخر أو تتقدم عنها قال تعالي:{ إن الصلاة كانت علي المؤمنين كتابا موقوتا}( النساء:103), وتؤدي بطريقة معينة لا يجوز أن تخالفها أو تزيد أو تنقص عنها, فلو قدم المصلي ركنا علي ركن, وخالف النظام والترتيب بطلت صلاته!! والنظام من أهم مقومات صلاة الجماعة, حيث يتقدم الإمام والصفوف متساوية خلفه, فلقد كان نبينا,,, يقول كما ورد في صحيح مسلم عن أنس بن مالك, قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: سووا صفوفكم, فإن تسوية الصف, من تمام الصلاة, وكان يعلم أصحابه النظام في صلاة الجماعة قائلا لهم كما جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة, عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به, فلا تختلفوا عليه, فإذا ركع, فاركعوا, وإذا قال: سمع الله لمن حمده, فقولوا: ربنا لك الحمد, وإذا سجد فاسجدوا, وإذا صلي جالسا, فصلوا جلوسا أجمعون, وأقيموا الصف في الصلاة, فإن إقامة الصف من حسن الصلاة. ومع ذلك عندما يلفت المرء نظر البعض إلي ضرورة الالتزام بالنظام في العمل أو في المواعيد أو في البيت أو في المدرسة.. إلخ يسمع عبارات مثل: خليها علي الله, أو خليها تمشي بالبركة, أو بلاش تحبكها قوي, أو ما تبقاش حنبلي, وغير ذلك من عبارات مشابهة لتبرير الخلل في الفكر وفي السلوك, فالله سبحانه لم يأمر بالفوضي ولا بالارتجال والعشوائية, فالواجب عليك أيها المسلم أن تكون منظما في شئون حياتك كلها وأن تكون أسوة طيبة لغيرك. من علماء وزارة الأوقاف