أصوات ملائكية تنساب بتكرار محبب إلي الأذن والقلب والنفس, تصدح في الكنائس في مناسبات مختلفة فتسمو بأرواحنا دون حتي أن ندرك معناها.. كم مرة حاولت التقاط كلمة أو فهم معني لما تسمع؟ هل هي كلمات أم أصوات لحنية؟ بأي لغة وماذا تعني؟ جورج صبحي الشماس بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية يجيب عن كل هذه التساؤلات قائلا: تاريخ الألحان القبطية.. نشأت مع الكنيسة نفسها, فقد بدأ اللحن الكنسي مع القديس مارمرقس الرسول في الإسكندرية التي كانت في ذلك الوقت مركزا مهما للثقافة, وكان القديس مارمرقس نفسه مثقفا باللغات العبرية واللاتينية واليونانية لذلك قام بإنشاء مدرسة اللاهوت التي كانت تدرس فيها الموسيقي والفلسفة والمنطق والطب والهندسة إلي جوار العلوم الدينية, وقد اشتهرت هذه المدرسة جدا في القرن الأول الميلادي. الألحان الكنسية.. بشكل عام هي موسيقي تحرك المشاعر وتخاطب الروح وتجذب العاطفة والإرادة نحو الله وتثير الخشوع في النفس البشرية أثناء الصلوات الطقسية في الكنيسة القبطية فيما يسمي ب( الصلوات الليتورجية), وتستخدم فيها آلتان موسيقيتان فقط هما الناقوس واالتريانتو, أما الكلمات الملحنة أو ما نسميها ب الهزات التي تقال في أثناء الصلوات الطقسية ما هي إلا نبرات لحنية والهدف منها الإحساس بالكلمات والصلوات والدخول إلي أعماق النفس لكي تذوب في الحضرة الإلهية بخشوع وانسحاق. تراث.. الألحان القبطية حفظتها الكنيسة علي مدي واحد وعشرين قرنا من الزمان, وسلمته جيلا بعد جيل بطريقة التسليم أو التقليد الشفاهي واستطاعت أن تعبر به عصور الاضطهاد الرهيب عبر القرون الطويلة, ويعتبر حفاظ الكنيسة المصرية علي الألحان القبطية التي تسلمتها من القرون الأولي للمسيحية معجزة حقيقية يشهد بها التاريخ, فقد استطاعت الحفاظ علي نغمات تتحرك في الهواء وتنتقل بين المشاعر والأحاسيس لمدة ألفي عام لم يوجد أثنائها أجهزة لتسجيل الأصوات اللغة.. التي تقال بها الألحان هي اللغة القبطية وبعض الألحان اليونانية وهما اللغتان اللتان كانتا في الأصل تستخدمان في القرون الأولي للمسيحية, وعندما دخل الإسلام إلي مصر ترجمت بعض الألحان القصيرة إلي اللغة العربية واستخدمت لسهولة تركيبها, وتحرص الكنائس علي تدريس اللغة القبطية وخاصة ما يتعلق بالصلاة اللتورجية ومن أمثلتها: * ايسوس بخرستوس= يسوع المسيح * اجيوس= قدوس * اوثيئوس= الله * هان خلشيري= شبان * كاهي= الأرض طرق وأنواع.. الألحان الكنسية: * الطريقة الفرايحي: وتستخدم في الأعياد الكبري الخاصة بالسيد المسيح, وكذلك في الخمسين المقدسة( أي الخمسين يوما التالية لعيد القيامة المجيد). * الطريقة الحزايني: وتستخدم في الأسبوع الذي يسبق عيد القيامة, ويعرف حسب الاصطلاح الكنسي بأسبوع الآلام أو البصخة المقدسة وهو هذا الأسبوع الذي تتشح فيه الكنيسة بالحزن علي عريسها السماوي المذبوح لأجل خلاص العالم كله, وتستخدم أيضا في صلاة االتجنيزب التي تختلف فيها قراءات الكتاب المقدس للرجال عن النساء. * اللحن الصيامي: ويستخدم في ألحان الصوم الكبير الذي يسبق عيد القيامة, ويعتبر من أقدس الأصوام وأهمها عند الأقباط. * اللحن الشعانيني: ويستخدم في يوم أحد الشعانين أو أحد السعف وكلمة شعانين مشتقة من كلمة هوشعنا بالعبرانية ومعناها خلصنا, وهو الهتاف الذي صرخ به الشعب عند دخول السيد المسيح إلي أورشليم, ويستخدم أيضا في عيدي الصليب. * اللحن السنوي: وهو اللحن المستخدم في بقية أيام السنة خارج هذه المناسبات الأربع. التسبيح والترنيم الترانيم.. هي جزء مهم من العبادة المسيحية فهي كلمات تسبيح للرب يسوع, وهناك ترانيم كثيرة في الكتاب المقدس منها السارة والحزينة, ومنها ترانيم النصرة والتوبة, لكنها كلها تعبر عن وجود الله ومدي تأثيره في حياتنا. تعبير عن السعادة.. الترانيم والتراتيل هي حالة يكون فيها الإنسان سعيدا بوجوده في محضر الله, سعيدا بالخلاص, مبتهجا بالانتصار, فيبتهج ويسبح الله ويحمده بالترنيم والأغاني الروحية وفي الكتاب المقدس أن الترنيم جزء من كيان الإنسان الحي, فيقول الوحي المقدس أغني للرب في حياتي. أرنم لإلهي ما دمت موجودا. فيلذ له نشيدي, وأنا أفرح بالرب. ( سفر المزامير104:33-34) أول ترنيمة.. كما في الكتاب المقدس كانت عندما عبر موسي وشعبه بانتصار من أرض العبودية في مصر إلي أرض الموعد في كنعان فيقول الكتاب المقدس في سفر الخروج: حينئذ رنم موسي وبنو إسرائيل هذه التسبيحة للرب وقالوا: أرنم للرب فإنه قد تعظم. الفرس وراكبه طرحهما في البحر.الرب قوتي ونشيدي, وقد صار خلاصي. هذا إلهي فأمجده, إله أبي فأرفعه. ( سفر الخروج15:1). ترانيم جديدة.. يحث الوحي المقدس علي تأليفها وتلحينها للتعبير عن الأشواق والابتهاج أو للصلوات لله ولا علاقة لها بالصلوات الطقسية الثابتة: رنموا للرب ترنيمة جديدة. رنمي للرب يا كل الأرض ( مزمور96:1-3) ترانيم لكل الأوقات.. يحتوي سفر المزامير علي سلسلة طويلة من الترانيم, بعضها يعبر عن الفرح والسعادة والشكر والتسبيح والعبادة, وبعضها الآخر عن الحزن والكآبة والتوبة وفي الأبدية سيشدو صوت التسبيح والترنيم في السماء كما يقول الكتاب المقدس في سفر الرؤيا: وسمعت صوتا من السماء كصوت مياه كثيرة وكصوت رعد عظيم. وسمعت صوتا كصوت ضاربين بالقيثارة يضربون بقيثاراتهم, وهم يترنمون كترنيمة جديدة أمام العرش.)