ليست مصادفة بالطبع ما حدث ولا يزال يحدث في البلدان العربية التي اندلعت بها نيران الربيع العبري من تدمير متعمد لحضاراتها ونهب ممنهج لآثارها التاريخية لطمس هويتها من أجل تغيير ديموجرافيتها تباعا بهدف تهيئتها جغرافيا لاستيطان من خططوا لتفريغها من شعوبها واستكمال حدود دولتهم الكبري التي رسموها منذ أمد بعيد.. ليسوا تنظيما للدولة الإسلامية كما أطلقوا علي مسوخهم الذين يقومون بهذه المهمة علي خير وجه بل هو في حقيقة الأمر تنظيم صهيوني دأب علي تزييف التاريخ منذ فجره كما اعتاد سرقة الجغرافيا.. فمسعي الصهاينة الدائم إلي تهويد القدس ليس دينيا بالقدر الذي هو تزييف لتاريخ المدينة.. ولأن التاريخ هو دوما الشاهد الحق فكان حتميا أن يتم تزييفه بل تسييسه أيضا إن لزم الأمر لخدمة تلك المصالح الصهيونية.. فالحضارات هي العدو الأول والرئيس لكل المتصهينين قديما وحديثا لأنها تكشف كذب ادعاءاتهم بأحقيتهم في أي أرض وطؤها.. فلا غرابة إذن في أن تكون الدول المستهدفة هي ذات الحضارة والتاريخ العريق الذي يشهد علي أصول شعوبها.. ولا عجب أيضا في أن تكون الدول التي تدعم المخطط الصهيوني في المنطقة هي التي لا تمتلك حضارة أو تاريخا عريقا.. فالصهاينة وقبل أن يشرعوا في وضع اللبنة الأولي في دولتهم الغاشمة علي أرض فلسطينالمحتلة كانوا قد تركوا في المنطقة العربية أعوانهم ليكونوا هم السلاح العربي الذي يحارب العرب.. أي لتصبح الحروب الدائرة في المنطقة العربية بين العرب وبعضهم البعض.. البعض الذي ينتمي إلي حضارة من الحضارات والذي يدافع عن تاريخه وأرضه والبعض الآخر وإن كان عربيا بالاسم إلا أنه صهيوني الهوي والتوجه والصنيعة أيضا.. فلم يعد يخفي علي أحد الدور الذي يلعبه بعض الحكام العرب في دعم الإرهاب وانتشاره بين الأقطار العربية المختلفة لتقسيم الدول العربية إلي دويلات متناحرة من أجل تنفيذ المخطط الصهيوني بالمنطقة.. وهم تحديدا من قاموا بالاستيلاء علي حكم بلادهم بدعم من المخابرات البريطانية التي مكنتهم من السلطة والسلطان ليكونوا لها عونا أبد الدهر وسلاحا تشهره في وجه كل من يحاول التصدي لمخططاتهم في المنطقة فعمل المخابرات البريطانية في المنطقة العربية كان في الأصل بهدف تأسيس دولة الكيان الصهيوني بها ولأن خونة الداخل هم أشد فتكا علي أي أمة من أعدائها الخارجيين.. انتقت المخابرات البريطانية بعناية من يصلحون لهذه المهمة ممن تضمن ولاءهم المستمر لها.. فكانت البداية بأن سلموا لهم فلسطين التي لا يملكونها في الأساس لتكون وطنا قوميا لليهود النازحين إليها من شتي بقاع الأرض.. وكما وقع كبيرهم الذي علمهم الغدر وثيقة تسليم فلسطين لليهود وهو لا يملك الحق في ذلك ها هم أحفاده يحاولون بشتي الطرق الإيقاع بسوريا الحبيب أيضا دون وجه حق.. ولكن بعدة وجوه تسفر عن حقد دفين تجاه كل ماهو حضاري وتاريخي في منطقتنا العربية.. الأمر الذي لا يدعو للدهشة كونهم يفتقرون إلي تاريخ ينصفهم كغيرهم من الدول التي يسلطون عليها إرهابهم ولكن يدعو لليقظة وللاهتمام بإنصاف التاريخ وتصحيح كل ما تم تزييفه منه لتتمكن الأجيال القادمة من معرفة كل الحقائق التي طمست عن عمد لإظهار هؤلاء المتآمرين بمظهر حمائم للسلام في المنطقة في الوقت الذي هم فيه يتربصون بالدول العربية لإسقاطها من أجل إرضاء الغرب علي حساب الدم العربي.. حقا بات لزاما علينا أن نعلم أولادنا تاريخنا وتاريخهم الحقيقي لا المزيف حتي نمنعهم من الاستمرار في سرقة جغرافيتنا.