إنها أول مرة في حياتي أري فيلما وثائقيا من إنتاج الجزيرة وهو فيلم حكايات التجنيد الإجباري في مصر, يحمل فيه المراسل الكاميرا ليحرض الشباب ضد الجيش بعبارات بلهاء عن التجنيد الاختياري, فليس دور المراسل شرح عيوب ومزايا عملية التجنيد. لكنه عملية تزييف سياسي تحاول هدم سمعة جيشنا وتصوير المميزات علي أنها مساوئ, قناة الجزيرة هي رأس الحربة فيما يدور الآن, من حروب الجبل الرابع, التي تستخدم الإعلام كأقذر أداة لتشويه سمعة الدول, وانتقاص هيبة مؤسساتها العليا أولها الجيش والقضاء, وتشكيك الشعوب في أنظمتهم, وغسل أدمغة البشر بالأكاذيب والفبركة والتزوير الإعلامي إنها بطل المؤامرة. لذا لم تكن مصادفة أن نشاهد علي فترات متقاربة فيلمين وثائقيين مسيئين, أحدهما يستهدف الجيش والآخر يستهدف الشرطة, بما لهاتين المؤسستين من دور حيوي في بقاء الوطن واستقراره, والمستهدف هنا ليس إسقاط المؤسستين بشكل مباشر, فقد فشلوا في ذلك فشلا ذريعا, وهم يعلمون جيدا أنه ليس بمقدور فيلم وثائقي أن يفعل ذلك, ولكن الهدف هو زرع الشك في نفوس المواطنين تجاه تلك المؤسسات, وصولا إلي هدفهم البعيد بتحقيق انفصال بين الشعب ومؤسساته, لمحاولة خلخلتها وهدمها. واضح تماما في فيلم قناة الجزيرة أنه دعائي وليس تحقيقا استقصائيا محترما علي الإطلاق, وليس عملا مهنيا بأي معيار من المعايير, فلو كان ذلك لما اضطروا لتمثيل الكثير من المشاهد فيه, فلم ندرس أبدا في كلية الإعلام أن نمثل ما هو موجود في خيالنا في أثناء إجرائنا لتحقيق تليفزيوني, فالعمل المهني الصادق يكون كله من خلال حقائق ووقائع علي الأرض, أضف إلي ذلك الموسيقي التصويرية وتركيب المشاهد بخدعة يسهل علي أي طفل أن يكتشف المقصود من ورائها, مما يجعلك تشعر أنك تشاهد فيلم كارتون ثلاثي الأبعاد, فلا تنتظر ممن يقوم بعمل مثل هذا أن يكون تقديم الحقيقة إليك هو هدفه, وإنما هدفه التأثير عليك وتوجيهك وإثارة مشاعرك, بعيدا عن أي عمل مهني محترم متوازن, ومما يكشف خبث هؤلاء المتآمرين أنهم يضعون لك جزءا من الحقيقة, حتي تصدق باقي الكذبة, وهو عمل دعائي خبيث, يعلمه كل من يقرأ في وسائل الدعاية السوداء, وهكذا يكسبون تعاطف عدد من البسطاء, ويثيرون الخلاف والفتنة بين الآخرين, لذا وجب علينا جميعا أن نتنبه ولا نكون أداة لتحقيق أهداف تلك المؤامرات, فمؤسسات دولتنا خط أحمر, يجب ألا نسمح لغريب بالاعتداء عليها, نحن بيننا وبين بعضنا ننتقد كما نشاء, ونعرض آراءنا بكل الوسائل المشروعة, ونكشف أي تجاوزات لنصححها بنية وطنية صادقة, ولكن لا نسمح في هذه الفترة الحرجة لأحد من خارج وطننا أن يتدخل بيننا, فهناك من يريد نشر مزيد من الفتن والفوضي. الجيش والشرطة هما عماد أي دولة, وهما ضمانة تماسكها وقوة كيانها, وكلنا رأينا ماذا حدث عندما غابت الشرطة المصرية في أعقاب ثورة يناير, وكلنا نري عواقب سقوط الجيش فيما حولنا من دول كان لها كيان, واليوم تفتتت, وانهارت مدنها, وانقسم أهلها, لم تعد المواجهة العسكرية هي الخيار الوحيد أمام أعداء مصر, وإنما أصبحت لديهم بدائل متعددة, مؤامرات داخلية وخارجية, ومحاولات لبث الانقسام بين الشعب بعضه البعض من جهة, وبين الشعب ومؤسساته من جهة أخري, للوصول إلي الفوضي. وأخيرا, لابد من وقفة جادة وقاسية مع قناة الجزيرة, حتي يتعلموا احترام جيش مصر العظيم.