تطالعنا الصحف اليومية وشاشات التليفزيون بأخبار عن حوادث علي الطرق, الفاعل فيها سيارات النقل الثقيل وذوات المقطورات, والنتيجة فيها قتلي ومصابون, كبار وصغار, رجال ونساء وأطفال, عمال يسعون إلي رزقهم وحتي الأطفال المتوجهون إلي مدارسهم يقعون ضحايا لتلك الحوادث وهم في عمر الزهور, حوادث تودي بحياتهم أو تسبب لهم عاهات تبقي معهم العمر كله, معاقين أو ملازمين لأسرتهم أو كراسيهم المتحركة, حوادث تقشعر من هولها الأبدان. هذا الملف, ملف حوادث الطرق, يحتاج إلي نظرة فاحصة ومراجعة شاملة, لاستجلاء أسبابه ووضع المقترحات والحلول والتوصيات للحد من مخاطره, وهو ملف جد خطير فبمراجعة التقارير والإحصاءات التي تصدرها الجهات الرسمية المعنية بالقضية يتضح أن مصر تخسر سنويا428 مليار جنيه بسبب الفرص المهدرة في قطاع الطرق, وتحتل مصر المرتبة108 علي مستوي العالم من إجمالي185 دولة في معدلات حوادث الطرق, ويتراوح عدد الضحايا سنويا بين ستة وستة عشر ألف قتيل, وهو رقم مخيف جدا, ففي تقديرات مركز المعلومات واتخاذ القرار فإن مصر تودع16 ألف قتيل سنويا, وتصل خسائرها إلي20 مليار جنيه, وتأتي مؤشرات الإدارة العامة لإحصاءات المرافق العامة لتكشف عن أن حوادث الطرق بلغت14402 حادث سنويا, تودي بحياة نحو6 آلاف قتيل سنويا, بمعدل517 ضحية كل شهر, أما المصابون فيتجاوز عددهم24 ألفا, وتؤدي هذه الحوادث والإهمال والتأخر في معالجتها إلي خسائر مالية سنوية مرتفعة, تضر بالاقتصاد القومي, وهو في مرحلة النضوج والنمو, وهو الأمر الذي يدعو إلي التكاتف والتلاحم لمعالجة أسباب هذه المشكلة. وترجع المشكلة لأسباب تتعلق بالطرق وكفاءتها, والعنصر البشري وأخطائه, وإدارات المرور ورجالها, والتشريعات القانونية سواء قانون المرور أو قانون العقوبات, فبالنسبة للطرق, فإن القيادة السياسية أنشأت العديد من الطرق وفق الأنظمة العلمية الحديثة, ومع هذا فإنه ينبغي رصف كافة الطرق السريعة, أو الشوارع داخل المدن وخارجها, وفق المقايسات العالمية, وتلافي أي عيوب هندسية بها, ووضع العلامات الإرشادية علي مسافة تسمح لقائد السيارة بالسير في الاتجاه الذي يبغيه دون تأثير أو تأخير أو تعطيل للسيارات الأخري, كما يجب أن يتم تخطيط حارة من الطريق وتخصيصها لسيارات النقل. أما بالنسبة للعنصر البشري فمن الضروري توقيع الكشف بشكل دوري ومفاجئ علي السائقين أثناء قيادتهم علي الطرق, لكشف ما إذا كان السائق قد تعاطي أي مخدرات أو مسكنات أو ممنوعات, خاصة أن الإحصاءات والتحليلات أثبتت أن كثيرا من السائقين مرتكبي الحوادث كانوا تحت تأثير مخدر أو مسكن, كما يجب أن تمنح رخصة قيادة سيارات النقل لمن هم فوق سن الثلاثين عاما لمفاداة صغر السن وما يحمله من رعونة واستهتار, كما تجب دعوة أجهزة الإعلام, خاصة التليفزيون, لنشر صور ا لحوادث التي تقع علي الطرق لتحذير السائقين من مغبة تهورهم. وعن التشريعات والقوانين فإننا نناشد المشرع المصري الجليل تعديل نصوص مواد العقاب وتغليظها في حوادث القتل باعتبارها جرائم عمدية, كما نقترح تكثيف حملات ولجان المرور والشرطة ودعمها بذوي الخبرة العالية, ونشرها علي كافة الطرق, وعودة رجل المرور بالدراجات النارية( الكونستابل), وتركيب كاميرات المراقبة علي جميع الطرق بلا استثناء. ولتقليل حوادث سيارات النقل فإنه يقترح العودة لنظام سير مركبات النقل بكافة أنواعها من الثامنة مساء حتي السادسة صباحا كما كان متبعا قبل عام2008 حين أصدر رئيس الوزراء وقتها عاطف عبيد قرارا يسمح للنقل بالسير في جميع الأوقات إثر حادث اصطدام أتوبيس سياحي بسيارة نقل ليلا, كما يمكن الاستفادة من خطوط السكك الحديدية, وإعادة تشغيل قطارات نقل البضائع من الموانئ والمصانع للمدن, ثم تنقل بسيارات النقل لأصحابها.