فرضت ثورة الخامس والعشرون من يناير واقعا جديدا علي الحياة السياسية, أتاح لتكنولوجيا المعلومات والإنترنت عجلة القيادة لمستقبل الإصلاح السياسي حيث أصبحت الحياة السياسية تدار من المواقع الالكترونية والشرارة الأولي لأي تحرك. إلي أن وصل الأمر إلي التفكير في إمكانية اجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية من خلال التصويت الالكتروني الذي يعتمد علي الرقم القومي الذي بدأ استخدامه في الاستفتاء علي التعديلات الدستورية, مما يستوجب طرح العديد من الأسئلة حول إمكانية تطبيق هذا النظام علي المجتمع المصري وما هي التجارب الدولية, وما هي السلبيات والايجابيات, وهل قانون مباشرة الحقوق السياسية يسمح بتطبيق هذا النظام؟ تسهيل العملية الانتخابية يقول المهندس ياسر القاضي الرئيس التنفيذي لهيئة تنمية صناعة التكنولوجيا والمسئول عن تنفيذ مشروع التصويت الالكتروني أنه يتم من خلال ثلاثة محاور الأول خاص بالمجتمع المدني ومحور التشريعات وقانون مباشرة الحقوق السياسية والمحور التقني. ويضيف أن المحور التقني يمر علي عدة مراحل: الأولي تبدأ في الانتخابات البرلمانية خلال شهر سبتمبر والثانية خلال الانتخابات الرئاسية, ثم ما يتم حول كيفية عمل المنظومة الانتخابية في المستقبل, خاصة أن هذا النظام يساعد علي تسهيل العملية الانتخابية وتوسيع المشاركة التي من المحتمل وجوده بصورة أوسع, والتأكد من أن الناخب له حق التصويت, وينتمي للجنة التي ينتخب فيها,. وكشف القاضي عن أن الانتخابات في مراحلها الأولي ستكون ورقية إلي جانب الكترونية لكي يتم المقارنة بين النتائج والمحافظة علي كون الاقتراع سريا مباشرا, وهذا النوع يناسب المرحلة التي نعيش فيها, كما أنه سوف يتم الاستعانة بنموذج مصري100% حيث أن لدينا خبرات كثيرة في هذا المجال, واننا لا نحتاج إلي وقت كثير مثل الهند لتطبيقه نظرا لكون عدد الناخبين لدينا ملائم وأقل بكثير من الهند. مفهوم خاطئ يقول د.سمير شاهين أستاذ الحاسبات بكلية الهندسة جامعة القاهرة أن فكرة التصويت الالكتروني اختلطت بها الكثير من المفاهيم الخاطئة حيث يعتقد الامواطنون أنهم يمكنهم الإدلاء بأصواتهم من خلال الإنترنت وهم في منازلهم ولكن الأمر غير ذلك تماما, حيث يشترط تواجد الناخب داخل لجنة الاقتراع ويحصل علي ورقة يبدي فيها رغبته ثم توضع في الصندوق. ويضيف د.شاهين انه لا توجد أي دولة تقوم بإجراء التصويت الالكتروني100% فمعظم الدول تستخدم قوائم البيانات الكترونيا فقط, بحيث يكون التصويت من خلال التأكد من صحة الرقم القومي, وأن الشخص المسجل بياناته هو من يقوم بالاقتراع, خاصة أن مرحلة التصويت أهم مرحلة مما يستلزم اتخاذ جميع الاحتياطات وضرورة مراعاة أن يكون عدد الأوراق داخل الصندوق مساويا لعدد الأصوات المعلنة, موضحا أن المشكلة التي واجهت التصويت الالكتروني في الولاياتالمتحدةالأمريكية أثناء الانتخابات تمثلت في الآلات التي تقوم بتخريم الأوراق والكروت. مرحلة انتقالية يقول د.عمرو موسي خبير أمني معلومات إنه علينا ان نمر بمرحلة انتقالية فلا نريد تصويتا الكترونيا بالكامل, مما يستوجب وجود تصويت نصف الكتروني ونصف ورقي, وينبه د.عمرو إلي أن قانون الانتخابات التشريعية لم يذكر التصويت الالكتروني بأي شكل ولذلك لابد من تعديل قانون الانتخابات. ويوضح أن هذا النظام الانتخابي يتكون من المركز الرئيسي الذي يصدر قاعدة بيانات المنتخبين, وقاعدة بيانات المرشحين ويستقبل كل الأصوات الانتخابية, مما يستوجب البدء في بنائه حيث أنه لن يتغير ويجب أن يكون تحت اشراف اللجنة العليا للانتخابات كما يمكن استخدامه في عمليات استطلاع الرأي, أما مراكز الاقتراع فتكون مجرد شاشة, ويتم الاستعلام ببطاقة القومي حتي لا يتم السماح بالانتخاب مرة أخري من خلال أي مركز آخر, كما يسمح بالدخول للاقتراع في أي دائرة. ويؤكد د.عمرو أن جميع الخطوات التي كان يقوم بها الناخب لم يحدث بها أي تغيرات, حيث يقوم بذات المراحل وتحديد من يريد انتخابه علي الورق ووضعه في الصندوق, ويعد استخدام التكنولوجيا في التجهيزات المسبقة وفي عملية الفرز وفي حالة الطعن يكون الفرز يدويا للأوراق التي وضعت في الصندوق. ويطالب بضرورة تعديل التشريع الذي يمثل حجر عثرة أمام استخدام التصويت الالكتروني, وأن يظل كل ما يتعلق بالناخب إلي ورقي ولا يحدث به أي تغيير. مشكلة الأمية ويقول د.جمال شقرة مدير مركز دراسات وبحوث الشرق الأوسط والدراسات المستقبلية بجامعة عين شمس أن الظروف الحالية غير مناسبة لاجراء هذا النوع من التصويت مع عامة الشعب, وتكنولوجيا يمكن اجراؤه ولكن مجتمعيا فهو غير مناسب, خاصة وأننا نعاني من ارتفاع نسبة الأمية إلي جانب انعدام الوعي السياسي بالإضافة إلي إمكانية تزييف ارادة الناخبين. تجارب دولية ويقول د.هشام المهدي أستاذ تكنولوجيا المعلومات المساعد بكلية الهندسة جامعة القاهرة, ان الهند بدأت إجراءات تنقية الجداول الانتخابية منذ عام1979 م وطبقت التصويت الالكتروني عام1999 م أي بعدها بعشرين عاما, وتم تطبيقه أول مرة بصفة جزئية وكان عددهم لا يتعدي ال400 ألف ناخب وأصبح عددهم عام2009 ما يقرب من800 مليون ناخب. وشدد د. المهدي علي خطورة البدء في هذا التطبيق دون القيام بتنقية الجداول الانتخابية طبقا لحقهم في التصويت ويجب أخذ التجربة الهندية في عين الاعتبار حيث تعتبر أقرب نموذج لدينا, كما شدد علي ضرورة اعداد اللوائح الالكترونية بحيث يتم تصميم القواعد الخاصة بالانتخابات بالتعاون مع وحدة الشبكات المحلية بدءا من الشبكات المحلية ثم المدنية والجمهورية وفي نهاية اليوم يتم تسجيل النتيجة ويري أن الرقم القومي البديل للبطاقة الانتخابية يتلاءم مع الاستفتاءات والانتخابات الرئاسية, ولكنه غير كاف لانتخابات المحليات ومجلسي الشعب والشوري ولذلك يجب تعديلها إلي بطاقة رقم قومي ذكية, يستخدم فيها الرقم القومي وبصمة العين وفي هذه الحالة يسمح للمصريين بالخارج البالغ عددهم ثمانية ملايين مصري من الإدلاء بأصواتهم من خلال انشاء مقرات داخل السفارات, فالنظام اليدوي الناجح يؤدي إلي نظام الكتروني ناجح كما يري أن خريجي كليات الهندسة هم من يقومون بتأمين المعلومات وعي الكتروني ويقول د.حسام فهمي رئيس قسم الحاسبات بكلية الهندسة جامعة عين شمس أن الدول التي تستخدم التصويت الالكتروني محدودة مثل أمريكا وأوروبا الغربية, حيث يحتاج إلي وعي الكتروني عال من المواطنين. كما يحتاج إلي وجود قاعدة تكنولوجية ضخمة من الحاسبات وشبكات الاتصالات السريعة جدا, لكي يتم ارسال وتجميع البيانات من مراكز الاقتراع الفرعية إلي مركز التجميع المركزي ويري د.فهمي أنه يفضل استيراد نموذج بمكوناته تم استخدامه في دول أخري حتي نضمن خلوه من الأخطاء وتكرار التجربة, كما لا يفترض في البداية الاستغناء عن التصويت اليدوي والتحول كاملا إلي الالكتروني. لا يوجد سرية بنسبة100% ويقول د.سمير عليش أستاذ نظم المعلومات وأمين عام مبادرة صوتي مطلبي ان التصويت الالكتروني هو نتاج لتكنولوجيا المعلومات التي دخلت في كافة نواحي الحياة, فالتصويت اليدوي يعتمد علي السجلات الورقية الذي شابه الكثير من الأخطاء ويضيف ان التصويت الالكتروني يتم الاستعداد له من عام2007 م وكان يتطلب البدء بالاقتراع بالرقم القومي وهو ما حدث في الاستفتاء مما يستلزم تطبيق التصويت الالكتروني. ويري د.عليش أننا لن نحتاج إلي وقت في تطبيق هذا النموذج مثل الهند التي استغرقت عشرين عاما لتتحول إلي هذا النظام حيث ان التكنولوجيا تطورت بشكل سريع, وأصبح يوجد ما يسمي بالتراكم المعرفي من التجارب الأخري مما يسمح بتلافي الأخطاء, كما انه لا توجد سرية في تداول المعلومات بنسبة100% وهو أمر معروف.