بعد الحوار الذي دار بيني وبين مريضتي.. وبعد أن كنت أجلس أمامها وهي تجلس علي مقعد كانت تجلس عليه للدكتور السابق الذي كان يعالجها ولم يستطع علاجها أخذت تنظر إلي في تحد ظهر من نظرة عيونها لي.. وبعد أن أخرجت من حقيبتي فردة حذاء حريمي, وطلبت منها أن تتخلص من حذائيها الكاملين فقالت لي. وأبقي حافية؟! وتريدني أن أسير حافية؟! فقلت أنا حكيت لك قصة صديقي الدكتور العالمي في علاج الأمراض النفسية, وكيف أنه كان يسير حافيا, وذكر لي أن السير دون حذاء من أهم عناصر علاج مرضي الوحدة والخيالات المرضية التي تحيط بالمريضة النفسية التي تتخيل وهي وحيدة. بأن زوجها لم يمت وأنه يعيش معها, وهي تعيش معه, وكأنه حي لم يمت بقناعة اسمها الوحدة ليكون معها زوجها.. ويعيش مع خيالها وبصوته الذي عاشت تسمعه طوال فترة حياته معها لتملأ.. ويسيطر عليها في حاضرها الذي سجنت نفسها فيه, وكان خيال صوته هو السند الوحيد لكي تعيش وحدتها النفسية دون أن تشعر بمرضها الوحدة وتصبح في عالم خيال وجوده, وتتعامل مع صوته الماضي. في وقتها الحاضر بصوته الماضي.. فانفجرت بصوتها.. أنا لست مريضة.. وأنت لست طبيبا لعلاجي ولست في حاجة لعلاجك.. أتركني من فضلك وقامت.. منفعلة من مقعدها.. وهي تهرب من أمامي وأسرعت بترك المكان واختفت في حجرتها, وهي تتحدث بصوتها مع صوت والدتها وهي تنادي عليها.. وهي تقول.. اتركوني مع زوجي الذي أعيش معه, إنه لم يمت. وأنا لم أمت, وأنا أعيش معه, وأسمع صوته ليل نهار, وفعلا سمعتها أنا مع والدتها, وهي تبكي بشدة, وتقول مفيش حد غيرك يا زوجي العزيز يستطيع أن يملأ حياتي وأنت معي!! ونظرت والدتها النجمة الطيبة إلي والدموع تملأ عينيها وانهارت بكاء.. فقلت لها بهدوء كبير.. الذي حدث الآن مني مع ابنتك العزيز.. هو بداية العلاج.. يا مدام.. وغدا لقائي الذي سيغير لها كل الآلام وكانت النجمة الرائعة التي تبدع في تمثيل شخصية والدتها هي النجمة.. زوزو نبيل.