جواهرجي رئيس عصابة لا يملأ عيني ابن آدم إلا التراب, مثل يتداوله المصريون, ربما يكون أقرب وصف للمدعو عوض الجواهرجي, شخصية ثرية تمتلك محلا مشهورا لبيع المصوغات الذهبية بأحد شوارع منطقة المنتزه شرق الإسكندرية, تجارته متسعة ومربحة, لكن للشيطان دروبا ومسالك, فلم يكتف بذلك وأعماه الطمع وكأنه يوما لن يلتحف بالتراب. كان عوض والذي اشتهر بأنه شحيح اليد لا يعرف للإحسان طريقا, جشعا جدا في جمع المال, ولأنه كان لديه الاستعداد لأن يفعل أي شيء في سبيل ذلك, فقد جاءه شيطانه في شكل أحد الأشخاص الذي طرق باب محله لبيع بعض المشغولات الذهبية. ارتاب عوض, في الرجل وشعر بأنه تحصل علي تلك المصوغات من أحد الطرق غير المشروعة, وخاصة وأنه لا يملك أي فواتير لها, علي الفور استغل الفرصة السانحة وقام بابتزازه لبيعه الذهب بسعر رخيص للغاية, موضحا له أنه يعرف حقيقة أنه مسروق. لم يجد الأخير سوي أن يخضع لابتراز عوض, ورضي بما أعطاه له من مال قليل نظير البضاعة المسروقة وهم بالرحيل, ليجد صوت البائع يعود لينادي عليه, فعاد إدراجه ليفاجأ به يقول له: تحب تشتغل معايا؟.. فنظر له مندهشا..ليعود ويقول له:انت واللي معاك حتسرقوا الذهب زي ما انتو شغالين وأنا حصرفهولكو ومش حنختلف في السعر. وجدها الأخير فرصة فوافق علي الفور, مشيرا إلي أنه يعمل وآخر في اقتحام الشقق السكنية وسرقتها, وسيكون من الجيد أن يجدوا شخصا لتصريف متحصلاتهم من الذهب وبالفعل تكون التشكيل العصابي لعوض, وتكررت عمليات السرقة بمناطق شرق المدينة. علي أثر ذلك تكون فريق من المباحث الجنائية بمديرية أمن الإسكندرية لكشف ملابسات تلك السرقات ليتمكن أفراد التشكيل من التوصل إلي أن وراءها عاطلين, تم ضبطهما في أحد الأكمنة الأمنية. وخلال تحقيقات المباحث معهما أقرا بأنهما يقومان بتصريف متحصلات سرقاتهما من المشغولات الذهبية للمدعو عوض. ا. ا.ل, صاحب محل لبيع المشغولات الذهبية بمنطقة سيدي بشر بحي أول المنتزه, علي أثر ذلك داهمت قوة أمنية المحل وتمكنت من ضبطه, وتحرر المحضر اللازم وأخطرت النيابة المختصة للتحقيق في الواقعة. الإسكندرية محمد عبد الغني حول خطورة الشائعات وتعدد أنواعها بتعدد واختلاف المقدرات التي يراد تدميرها وتفريغ الدولة من مضامينها وتحزيب فئات الشعب ضد بعضها. في البداية يقول الدكتور محمد مطاوع- من علماء وزارة الاوقاف- لعل أكثر أنواع الشائعات انتشارا الشائعات السياسية بهدف تصوير القيادة بصورة مغلوطة لا تتفق مع طبيعة المرحلة بهدف النيل من رموز الدولة, وصنع قاعدة عريضة من الآراء المشككة والمكذبة بهدف التضليل وإشاعة الفوضي. وقد بدا هذا جليا منذ فجر الإسلام, فالتفوا علي النبي, لتشويه صورته وتنفير الناس منه, وفضهم من حوله حتي يبقي فريدا وحيدا بدعوته لا حول له ولا قوة, لكن هيهات هيهات فإن الله لهم بالمرصاد. فقد وصفوا النبي,, ورموه بالسحر والكهانة والجنون, وجاء رد الحق عليهم ودحض افتراءاتهم وفراهم المضللة, فقال تعالي: فذكر فما أنت بنعمة ربك بكاهن ولا مجنون. أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون وبعد أن ذكر التهم وعددها رد عليها, فقال: وما صاحبكم بمجنون وقال: إنه لقول رسول كريم.وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون. ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون وسبحان الله الذي جعل الكفار هم من يدافعون عن النبي, فهذا الوليد بن المغيرة دافع عن القرآن وقال: إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة,... كما اتخذت حرب الشائعات منحي اجتماعيا في نشر قيم سيئة لا تتفق مع قيمنا وعاداتنا العريقة التي كانت منذ فجر التاريخ وبدء الحضارة سواء الناحية الفردية أو المجتمعية, ومن بين تلك النماذج ما كان شأن يوسف عليه السلام مع امرأة العزيز, عندما بدأت حرب القصور علي لسان النسوة واستغلال مقومات العنصر النسوي الكامن في غيرة النسوة في بعض صفاتهن: وقال نسوة في المدينة امرأت العزيز تراوضد فتاها عن نفسه ولعل من خطر الشائعات طمس الحقائق ونصر الظالم وتشويه البريء وتلويث سمعته لنفي التهمة عن الجاني ووسم المظلوم والمجني عليه مع الطعن في عرضه وشرفه. وقد كان هذا ما حدث مع النبي, وزوجه الطاهرة( عائشة أم المؤمنين) رضي الله عنها في حديث الإفك الذي أشاعه المنافقون وفي مقدمتهم عبد الله بن سلول رأس النفاق, وكان حملا ثقيلا علي النبي, وزوجه الطاهرة برأها الله من فوق سبع سماوات, فالمصلح دائما مستهدف, وكذا الرموز, وهذا ما يثبت صدق النية ولابد معها من قوة الإرادة والصلابة لأجل الوصول إلي الهدف ورفعة الوطن. كما أن من أنواع الشائعات الشائعات السياسية والحربية بهدف إضعاف الخصم وإرهابه والتهوين من شأنه والسيطرة علي أتباعه. ويقول مطاوع إن منهج الإسلام في مواجهة الشائعات قد تمثل في:- التثبت من الخبر وعدم الانسياق وراء الشائعات بلا وعي أو إدراك, فقد نبه الحق علي هذا فقال: يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا- الإنتاج والعمل ونبذ الكسل فالمشكلة في الأساس تكمن في كثرة الكلام دون عمل بل إشاعة الجدل, وافتراض الكثير من الحلول للعديد من المشاكل دون تطبيق الحلول علي أرض الواقع. وطلب العون من الله في مواجهة حقد الحاقدين وكيد الكائدين, فقد برأ الله موسي مما قال عنه بنو إسرائيل كذلك التثبت وعدم استعجال الثمرة قبل تبرئة الساحة كما فعل يوسف عليه السلام عندما أراد الملك أن يستعين به قال للرسول: ارجع إلي ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن.. إلي قوله وإنه لمن الصادقين تقديم المصلحة العامة علي المصلحة الخاصة, وهذا ما فعله يوسف عليه السلام, فالوطن الذي كان فيه حسن المثوي في خطر, فلم يتردد بل بادر بتعبير الرؤيا, ثم برأ ساحته بعد ذلك. وهذا ما فعله النبي, عندما دعا لأهل مكة أن يكشف الله عنهم الجدب والقحط. ويقول الشيخ فكري حسن وكيل اوقاف الاسكندرية الاسبق إن من أخطر الوسائل التي لجأ إليها المنافقون في عصر النبوة استعمال سلاح الشائعات والاعتماد علي الاكاذيب الباطلة ونشر روح اليأس بين أفراد الامة وهذا الاسلوب الذي لجأ إليه أهل النفاق في اول الاسلام وهو اسلوب خسيس لايقرة الاسلام بل إن الاسلام حاربه وحرمه تحريما دائما وابديا لقوله تعالي لن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة( مروجي الشائعات) لنغرينك بهم ثم لايجاورنك فيها إلا قليلا ملعونين اينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا. ويوضح فكري ان سلاح الشائعات لايستعملة إلا كل كذاب حقير لانة يبني كلامه علي غير الحقيقة ولذلك نري الاسلام شدد العقوبة علي هؤلاء في قوله تعالي ملعونين اينما ثقفوا ومما يؤسف له أن مصر في الآونة الاخيرة تتعرض لسيل من الاكاذيب الغرض منه تفتيت وحدة الأمة ولذلك وقف الاسلام موقفا صلبا ضد هؤلاء الذين يجب ان يؤخذوا بشدة يقتلوا كما ان القانون يجب ان يكون صارما في حق كل من ينشر شائعة تعتمد علي الكذب حيث سماه القرآن منافق وقال عنه ان المنافقين في الدرك الاسفل من النار كما مايجب علي ابناء الأمة أن يكونوا علي وعي بهذه الاكاذيب وان يقفوا لها بالمرصاد وان يكون الشعب مسلحا بحب الوطن حتي يفسد علي هؤلاء مؤامراتهم. وعلي وسائل الاعلام ان تستيقظ وان تعمل علي درء هذه المفاسد عن الامة كما يجب علي الدولة ان ترد علي كل تلك الشائعات. ويختتم فكري بأننا يمكننا القضاء علي الشائعات والاكاذيب لو أننا اتحدنا في أقوالنا وبينا للناس جميعا ان من ينشر شائعة كاذبة اشبه بمن يحرق بيته.