الطاقة والاقتصاد توءمان لا ينفصلان. لهواة الجدال, يدعي كل فريق أنه الأصل وما عداه فرع. جدل عقيم, لا يسمن ولا يغني من جوع, فالمؤكد أننا أمام مجالين تداخلا واتحدا ولا مجال للفصل بينهما رغم أنف من رغم. في سبتمبر2014, أقر مجلس الوزراء آلية تعريفة التغذية, بمعني الإعلان عن أسعار شراء الكهرباء المنتجة من طاقتي الرياح والشمس بأسعار محددة سلفا. كفلت جاذبية الأسعار تقدم نحو مائتي شركة وتحالف محلي وعالمي بعروضها, لتتخطي القدرات المقدمة أربعة أمثال المستهدف. في يناير2015, أعلن عن قائمة مختصرة بالشركات المؤهلة لتنفيذ تلك المشروعات في مدي عامين, ثم تشغيلها وبيع الكهرباء لنحو25 عاما. سداد مستحقات المستثمرين يتطلب آلية مرنة لتحصيلها من المشتركين تمتص تغير سعر العملة وتراعي البعد الاجتماعي. وزارات عدة تشترك في المنظومة منها الكهرباء والطاقة المتجددة, والمالية, والاستثمار, والبيئة, وغيرها كل بحسب دوره. إجراءات متعددة تشمل, ضمانات بنكية. عقود أراض. تأسيس شركات. قياسات مناخية لسرعات رياح وإشعاع شمسي ودرجات حرارة. دراسات بيئية تتحري عدم المساس بالبيئة النباتية والحيوانية. دراسات جدوي. اتفاقيات شراء طاقة تحدد التزامات كل طرف. مناقصات لشراء المعدات. تخليص جمركي. تركيب وتشغيل المشروع. سلسلة من العمليات تتضمن توظيف آلاف المصريين, وتحسن بيئة العمل وقابلية الاستثمار في المحروسة. كغيرها, تتطلب مشروعات الطاقة المتجددة رءوس أموال تصل إلي خمسين مليون يورو للمشروع قدرة خمسين ميجاوات, لذا يطرق المستثمر أبواب مؤسسات التمويل الدولية لتدبير احتياجاته من العملة الصعبة. الاقتراض بالدولار أو اليورو ليس عبئا علي المستثمر, سعر التحويل ليس عبئا أيضا, إنما يكمن العبء في تدبير العملة عند رغبته تحويل مستحقاته من جنيه إلي دولار. عدم استقرار أسعار التحويل بين الجنيه والعملات السيادية إلي جانب صعوبة الحصول عليها ألقيا بظلالهما علي الاستثمارات. طلب المستثمر ضمانة حكومية, يصدرها البنك المركزي أو وزارة المالية, تضمن له تحويل مستحقاته إلي عملة صعبة يسدد بها أقساط القرض, عدا ذلك يكتنف بيئة الاستثمار ضباب كثيف, يهدد السير في المشروع ويرفع مستوي المخاطر. أيضا, تتحسب مؤسسات التمويل الدولية لأي نزاع قضائي بين أطراف العقد, المستثمر( بائع الطاقة الكهربائية) والشركة المصرية لنقل الكهرباء( المشتري), من ثم تتمسك ببند التحكيم بالخارج. في المقابل, يري الجانب الآخر أن لا غضاضة في عقد التحكيم بالقاهرة كون طرفي العقد شركات مصرية, حتي وإن كان المستثمر شركة أجنبية, فبموجب القانون ينشئ المستثمر شركة مصرية لإدارة المشروع. في سبتمبر الماضي, أعلن عن المرحلة الثانية لتعريفة التغذية. لم ينشغل المستثمر بانخفاض الأسعار كثيرا, قدر انشغاله بإعادة تقييم المخاطر. مع تباين وجهات النظر تغير مؤشر الاستثمار صعودا وهبوطا. مؤسسات تمويل تتمسك بمتطلباتها. اقتصاد يجف بحر عملته الصعبة يوما بعد يوم. ضبابية المشهد دفعت البعض للاعتذار عن عدم الاستمرار والاتجاه نحو أسواق أخري. معوقات الاستثمار في مجال تنعكس سلبا علي المناخ العام. إن لم يكن اليوم فسوف تنشأ غدا مشروعات طاقة متجددة, ولكن بتكلفة أعلي. يقينا أن الاستثمار في الطاقة المتجددة ليس ترفا ولا مساحيق نجمل بها بصمتنا الكربونية, بل آلية نعظم بها مواردنا الطبيعية, وننوع بها خليط الطاقة, ونقلل بها من تأثير تقلبات أسعار الوقود المستورد, ونخفض بها فاتورة عملات أجنبية وبطالة بلغت12.5% خاصة عند نشر المشروعات الصغيرة في أرجاء المحروسة. الطاقة المتجددة شمس ساطعة تنتظر انقشاع الغيوم عن أرض الاستثمار الشراقي المشتاقة لجذع محني يغرس بذور الأمل في طين الإخلاص. [email protected]