وجد فن الكوميكس طريقة في مصر والوطن العربي أخيرا وربما كانت البداية مع صدور رواية مترو للكاتب مجدي الشافعي التي كانت أول رواية مصرية مصورة تنتمي إلي هذا الفن, ثم ظهرت مجلة توك توك لتكون ايضا أول مجلة كوميكس مصرية والكوميكس هو فن القصص المصورة, لكن الاسبوع الماضي شهد صدور كتاب خارج السيطرة عن دار العين للنشر وهو أول كتاب تأليف جماعي ينتمي لهذه الفن الشيق من وجهة نظر اصحابه وما يميز خارج السيطرة كذلك انه كتاب للكبار ونتاج لورشة تأليف ورسوم كانت بعنوان كادرات. الكتابه أعدت له الفنانة رانية أمين, وحرره الشاعر أشرف يوسف, وصمم الغلاف مريم صلاح, واشترك فيه19 فنانا من الرسامين والكتاب أحمد قشوش, أشرف حمدي, باسم موسي, جابر خليل, حاتم فتحي, حنان الكرارجي رانية أمين, سالي عبدالعزيز, شيرين هنائي, محمد توفيق, محمد الجنوبي, محمد صلاح, محمد طه, ميشيل حنا, نرمين فؤاد, نهي محرم, هاني عبدالدايم, هشام رحمة, يمني بشير. الاحد الماضي تمت مناقشة الكتاب في ندوة لم تفقدها برودة الجو حراراتها كما توافد محبو الكوميكس في الحضور والالتفاف حول عملهم. في البداية قال أشرف يوسف أي عمل جماعي بشكل عام له مشاكله, لكني تعاملت مع الورق من خلال شخص واحد هي رانية أمين كوسيط بين كل المشاركين, والكوميكس في هذا العمل يحمل رساله قوية جدا بشكل عام ويحتاج لسيناريو ورسوم جيده ثم يقدم رسالة ثورية بمعني انه يقدم نقلة جديدة لهذا الفن الذي يعد ابن المدينة. ويوضح يوسف ان الكتاب في البداية حمل عنوان كادرات لكن تم الاتفاق علي ان يكون اسمه خارج السيطرة لأن هذه سمة الكوميكس نفسه, وهذه هي التجربة الأولي تقريبا لكتاب هذا الفن البسيط, القادر علي توصيل فكرته بأكثر من طريقة من خلال نص عميق ان لم تتعامل معه يمكن ان تتعامل مع الصورة وفي النهاية يمكن ان يخرج القارئ بفكرة حتي ولو ضبابية. ويؤكد يوسف ان الكوميكس يحقق في الخارج مبيعات كبيره جدا, لأنه فن لا يقتصر علي الصغار فقط, بل هو فن يعتمد علي التراكم ولا تنحصر مهمته في تقديم شكل كوميدي فقط, لكن مهمته هي المعننه اي اعطاء معني للاشياء, والكوميكس فن موجود في الثقافة العربية لكن لا توجد ثقافة لرعايته. ويرجع اشرف يوسف تصنيف الكتاب كما ورد علي الغلاف للكبار كان لحمايته خوفا من إلصاق تهمه التقليد له, ويري يوسف ان المشكلة الحقيقية ليست في التصنيف الأدبي ولكن في الصناعة الإعلامية فهو يحتاج إلي افكار جديده لتسويقه بأن يكون هناك مثلا زاوية للكوميكس بالجرائد مثل الكاريكاتير, وأن يكون له مؤسسات دعائية قوية, وأن تعلن جوائز للكوميكس فالسبب في تنشيط سوق الرواية والشعر هي الجوائز, وقبل كل هذا نحتاج إلي إعادة تعريف لهذا الفن الذي اثق ان المستقبل له. ومن جانبه قال الفنان هشام رحمة احد المشاركين في العمل بقصة السجن قصتي عن الهجرة غير الشرعية ولم اصور الموضوع بشكل مباشر, لكن استخدمت الرمزية من خلال الرسم, فعبرت عن مصر بالقلعة, وهكذا ايضا صورت الفساد الإعلامي في الفترة السابقة وغيره. وأكد رحمة رفضه ان تطبق أي من المدارس الاوروبية أو الامريكية للكوميكس في مصر, داعيا لأن يكون للكوميكس العربي شكله الخاص. وذكر رحمة بداية لهذا المجال عبر مجلة ماجد التي كانت نتيجة ظروف سياسية مرت بها مصر عام1977, عندما قام السادات بتضييق الخناق علي رسامي الكريكاتير مثل حجازي واللباد وايهاب شاكر لذلك ذهبوا للخليج وكانوا ابرز فناني مجلة ماجد, ونحن كشباب نتاج هذه المجلة وقبلها مجلة باسم, ويشير ايضا لأهم المشاكل التي تقف كعائق امام فن الكوميكس هي أن الشخصية العربية نفسها في القراءة قصير فيبحث عنه هو مرئي, لأن لدينا مشكلة في القراءة, والناشرون ليست لديهم الجرأة لنشر هذا الفن, لذا لابد ان نؤثر علي القارئ بالدعاية لأن الكوميكس يستحق دعاية كبيرة, ومن ضمن الحلول التي اقدمها هي ان ارسم قصصا لكتاب كبار وأحولها لكوميكس لتجتذب عدد قراء أكبر. ومن المشاركين ايضا الفنان أحمد قشوش بقصة سيمون اضاليا وأشار إلي أن الكوميكس له ثلاث مدارس الاوربية والامريكية والروسية, والقصة التي كتبتها في خارج عن السيطرة بها مساحة اكبر للنص من الرسوم, والمحترفين في مجال الكوميكس لا يفضلون هذه اطريقة, لكن اعتمد هنا علي تعريف المدرسة الامريكية لهذا الفن التي تري ان الفرق بينه وبين السينما هو الفريم اي الإطار المتغير له, لذا اهتم ايضا بأزياء الشخصية والإضاءة واسلوب الرسم الذي يتناسب مع الموضوع, اذ افكر في نص يمكن ان يمثل كرسوم متحركة, لكن السلبية التي اراها في نصي هي شكل الفونت الذي كتب به النص, في الخارج هناك فونتات مخصوصة للكوميكس, لكن لا يوجد فونت عربي مخصوص فيما اكتفي الفنان محمد صلاح احد المشاركين ايضا بقصة كوبري سوهاج الجديد ان يصف الكوميكس بأنه الحل المتميز لكسل القارئ نتيجة للتغير الكبير الذي تتعرض له خارطة الميديا في العالم. وفي تعليق له علي كتاب خارج السيطرة قال الكاتب مجدي الشافعي الكتاب به18 كوميكس منفصلا ومتنوعا بامتياز, اذا يعرض الكوميكس العربي بشكل جديد ومختلف عما يقدم للاطفال, تم الإعداد له منذ عام, وحاولوا في أول الكتاب تعريف للكوميكس من خلال تجربتهم الشخصية وكثير من المشاركين في هذا المجال وصلوا لدرجة كبيرة من النضج, بأن يعرضوا الاعمال الشائكة بشكل متميز طازج. وأشار الشافعي لهذا الاختلاف بعدم التزامهم الكادرات العادية مثل هشام رحمة فهو متخصص في رسم الشخصيات, وأكد الفنانون من خلال خارج السيطرة علي ان الكوميكس يستطيع ان يقدم الواقع بشكل مختلف ويصدم القارئ به فتأثيره أقوي علي المتلقي لبساطته, اذ يحدث تأثيرا في الودان به نوع من التورط اثناء التلقي وليس مجرد قراءة فقط. ويضرب الشافعي امثله علي تنوع افكار الكتاب مثل الفانتازيا في ريشا طايرة في الهوا وفيها تقدم الكاتبة رانية امين بعض الحلول من وجهة نظرها لحيرة البنت عندما تتخذ قرارا بالاستقلال, وتطرح سؤالا عن ايهم اكثر استمتاعا ان تعيش مستقله أو ان تعيش مثل الاخرين علي نفس القطبين, هذا السؤال الفسلفي يرصد الحالة في منتهي السلاسة. ويقدم الفنان ميشيل حنا في الحريق شكل جديد للشعر ويثبت انه له اكثر من وجه غير المعتاد اذ يمكن ان نشاهد مقطع فيديو ويكون شعرا بصريا, وهو ما اكده ميشيل في الكوميكس انه يمكن للشعر ان يصبح كوميكس مكتوب ومرسوم. ويصف الشافعي خارج عن السيطرة بأنه كتاب يتنوع ما بين المغامرة والفانتازيا, واستطاع ان يتحرر من قيود الكتابه واتسم بالجرأة وبخفة دم مصرية حارقة, وتمكن صناعة من ادواتهم وفن الكوميكس. ومن جانبه قال كاتب الاطفال احمد سليمان أعد دراسة عن فن الكوميكس منذ اواخر التسعينيات وتبين لي ان خريجي كلية الفنون من الفنانين المتميزين والمحترفين يفضلون العمل في مجال الكوميكس, بخلاف الجيل السابق عليهم الذي اهتم اكثر بالنص, وانشغلت بالنموذج الأمريكي لتأثيره علي كثير من الفنانين المصريين ولا تتبع المسألة من بدايتها, واري ان انتاج كتاب كوميكس للكبار في مصر هي مغامرة, لأن التصق بهذا الفن انه للصغار وحاول كثيرا ان يفلت من هذا التصنيف, وبدأ في أمريكا تخليه عن هذا التصنيف في الخمسينيات عندما انطلقت دعاوي تقول ان نصوص الكوميكس اصبحت تحمل محتوي لا يتناسب مع الاطفال وعرضت الكوميكس لأزمة كبيرة كادت تغلق كثيرا من دور النشر.