كانت التوبة هي أول الطرق إلي الله والآن نسلك طريق الإخلاص لله: قال تعالي( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة) هذا أمر من الله لنا أن تكون عبادتنا خالصة لوجهه الكريم فهو يعلم المخلص من المنافق لأنه يعلم ما في الصدور فقد قال سبحانه( قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله) ولأنه بدون الإخلاص لا يقبل العمل, فنحتاج إلي نية في أعمالنا تكون لله وحده ففي الحديث الذي رواه عمر بن الخطاب عن النبي صلي الله عليه وسلم( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوي) فيجب استحضار النية التي تكون بالقلب ولا تنطق باللسان: والنية عمل كبير فلنتعرف علي مراحلها, أول مرحلة من مراحل النية هي الخاطر الذي يأتي للإنسان في لحظة يعقبه التردد هل سأقوم بهذا العمل أم لا ثم تأتي مرحلة الترجيح لفعل الشيء ثم المرحلة الرابعة وهي الهم بفعل الشيء وهؤلاء الأربع يسمون( بحديث النفس) وهو يمر به كل البشر ثم تأتي المرحلة الخامسة وهي العزم والتصميم علي الفعل ثم القصد والإرادة وأخيرا النية: أرأيتم كيف أن النية ليست بالشيء اليسير, إذا لابد من استحضارها في قلبي وتكون متجهة لله وحده. لكني أعلم أن الشيطان لن يدع العبد يصلح له عمل مع الله, بل يجتهد ليفسد العمل فيدخل علي الإنسان الرياء والإعجاب بالنفس أو حب محمدة الناس علي عمله حتي يكون مردودا عليه, فالواجب أن يصلح العبد نيته وقلبه باليقين فيما عند الله فيقول لنفسه إن الناس لا ينفعونني إن عصيت الله ولن يجلبوا لي ثوابا إن أطعت الله فما بالي بهم, فلابد أن أخلص في عملي حتي أكون لله أقرب. ولكن ما هو الإخلاص؟ الإخلاص هو دوام النظر لله تعالي دون النظر إلي الخلق( أي مراقبة الله دائما) فعندما قال النبي صلي الله عليه وسلم( من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه دخل الجنة) سأله رجل وقال وما إخلاصها يار رسول الله, قال النبي أن تحجزك عن محارم الله. والإخلاص سر من أسرار الله لا يراه ملك فيكتبه ولا هوي فيميله ولا شيطان فيفسده, لذلك أخبرنا صلي الله عليه وسلم فقال( أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر, قالوا يا رسول الله وما الشرك الأصغر- قال: الرياء يقول الله تعالي يوم يجازي العباد بأعمالهم اذهبوا إلي الذين كنتم تراءون لهم في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم خيرا) ومعني ذلك أن هناك أناسا في الدنيا عملهم علي وجه الخداع وهذا ما يبطل ثواب أعمالهم كما قال النبي صلي الله عليه وسلم( رب صائم ليس له حظ من صومه إلا الجوع والعطش, ورب قائم ليس له حظ من قيامه إلا السهر والنصب) وقد قيل لبعض الحكماء من المخلص؟ قال: المخلص هو الذي يكتم حسناته كما يكتم سيئاته, فقيل وما غاية الإخلاص؟ قال: أن لا يحب العبد محمدة الناس. وأذكر أحد الأشخاص كان يرائي في الدين ويظل يظهر للناس شدة اجتهاده في العبادة وشدة تعبه من قيام الليل والسهر.. ذلك فقط كي يستمع إلي الثناء عليه من الناس. كذلك هناك الكثير من الناس يراءون بالقول بالوعظ والتذكير لله وللرسول ولكنهم للأسف لا يفعلون ما يقولون, ورأيت آخرين يأمرون بالمعروف ولا يأتونه وينهون عن المنكر ويفعلونه. وسأسدي لكم الآن نصيحة فكما تحاولون جاهدين أن تستروا ذنوبكم.. ابذلوا أقصي طاقتكم لتستروا أيضا حسناتكم حتي تسلم لله فالإخلاص وحب الثناء لا يجتمعان إلا كما يجتمع الماء والنار, فإذا حدثتك نفسك يا عبد الله بطلب الإخلاص فإزهد في المدح والثناء واجتهد لتحافظ علي أعمالك مخلصة حبا لله, وقد أحسن من قال: عذابي في طاعتك عذب وقربي منك حب وأنت عندي كروحي بل أنت منها أحب وحسبي من الحب يا حبيبي أني لما تحب أحب. ولنعلم جميعا أن الشيطان قد قال لرب العزة( لأقعدن لهم صراطك المستقيم) إذا هو يريد ألا يقبل عمل لأي عابد لله, ولكن الله بكرمه قد جعل لنا المخرج فقال( قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين) إذا بدون الإخلاص لن يقبل العمل, فلنسع جاهدين لقبول أعمالنا, والإخلاص يعالج الذنوب, ويساعد العبد علي عدم الوقوع في المعاصي بل وبه يقبل علي الله ويكون من حزبه المفلحين, وهو من أول طرق الوصول إلي الله بعد التوبة في سلم الصعود إلي الطريق المستقيم, فهيا نضع أقدامنا علي أول طريق الخير. داعية إسلامية