عن محمود بن لبيد قال: خرج النبي صلي الله عليه وسلم فقال: أيها الناس إياكم وشرك السرائر قالوا: يا رسول الله, وما شرك السرائر؟ قال: يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته جاهدا لما يري من نظر الناس إليه, فذلك شرك السرائر. و شرك السرائر هو أن يكون قصد العبد ومراده لله تعالي, ولكنه إذا اطلع عليه الناس نشط في العبادة وزينها وهو مختلف عن النفاق, والنفاق هو أن يكون مراد العبد غير الله تعالي, ويريد ويحب أن يعرف الناس أنه يفعل ذلك, ولا يقصد الإخلاص مطلقا وهناك أيضا نوع ثالث وهو الرياء الخفي وهو أن العبد يدخل في عبادة الله تعالي, وهي أي عبادة مثل الصلاة أو الصيام أو الصدقة.. ويخرج منها لله تعالي أيضا ويعرف بهذه العبادة فيمتدحه الناس و يمجدوه, فيسكن ويفرح لهذا المدح ويعمل له, وبذلك يشرك مع مقصد الله تعالي رغبته في هذا المجد والسرور والرغبة فيه, وهذه الأوجه الثلاث للرياء أو النفاق كلها خطر عظيم علي المسلم حيث عدها النبي صلي الله عليه وسلم شركا حيث قال النبي صلي الله عليه وسلم اليسير من الرياء شرك فينبغي علي كل مسلم تركها والاستعاذة منها بالله تعالي; حتي تكون العبادة خالصة لله تعالي فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا(110)( الكهف). وقد كان من دعائه صلي الله عليه وسلم اللهم إني أعوذ بك من أن أشرك بك شيئا أعلمه وأستغفرك لما لا أعلمه. وهذا العمل هو ما حذرنا النبي صلي الله عليه وسلم منه, بل وإن النبي الكريم يخشي علي أمته ويخاف عليها أشد الخوف من هذا الشرك الخفي المحبط للعمل, وإن الله عز وجل توعد كل من يشرك في عمله شيئا بألا يقبل منه وأن يكون ردا عليه يوم القيامة وقدمنا إلي ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا(23)( الفرقان), بل وينادي يوم القيامة( من كان أشرك في عمله لله أحدا فليطلب ثوابه من عنده; فإن الله أغني الشركاء عن الشرك). والمسلم لا يسر باطلاع الناس عليه عند العمل, وإنما يسر بإخلاص عمله الذي يكتبه الملكان, ولا يفسده الشيطان, ولا يطلع عليه الإنسان, وإن أساس قبول العبادة الإخلاص فيها, فاعبد الله مخلصا له الدين(2)( الزمر), وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة(5)( البينة). وينبغي أن يكون المسلم حذرا من الشرك الخفي ليس في عباداته فقط بل في كل معاملاته, فهناك الرياء البدني, كمن يظهر الصفار والنحول مثلا أو الضعف ليعرف عنه أنه صائم, وهناك من يرائي الناس في ملابسه حيث تكون مهلهلة حتي يعرف عنه زهده.