لابد أن تتوقف عند هذين الخبرين وتضعهما في خانة ذاكرتك الواعية لتعلم حجم العبث الذي يحياه العالم تحت مسميات باتت بحاجة لإعادة تعريف, مثل الرعاية الأممية وجماعات الارهاب والمعارضة السلمية. فما بين خبر قتل الولاياتالمتحدةالامريكية للقيادي بجبهة النصرة بسوريا ابو فرج المصري منذ ايام, وبين تصريح المبعوث الأممي في سوريا دي ميستورا المعلن عن استعداده اصطحاب900 مقاتل بجبهة النصرة خارج حلب وتسكينهم بريف ادلب, لابد من التوقف والتمعن في الخبرين اللذان يعبران عما احدثكم عنه من عبث. ونبدأ بقصة أبو فرج المصري الذي اعلنت وكالات الانباء خبر مقتله في الأول من اكتوبر في حلب, ساردة لسيرته الذاتية بدءا من اسمه أحمد سلامة مبروك وكيف كان عضوا في جماعة الجهاد التكفيرية في مصر في السبعينيات مصاحبا لأيمن الظواهري. ثم القبض عليه في حادثة اغتيال الرئيس السادات في مطلع الثمانينيات, ثم الإفراج عنه مع أيمن الظواهري ورحيلهما الي افغانستان ولقائهما بأسامة بن لادن. الي أن كان القبض عليه في اذربيجان عام1998 من قبل الولاياتالمتحدة التي سلمته لمصر حيث أودع السجن إلي أن أفرج عنه الاخواني الجاسوس- بحكم المحكمة محمد مرسي وقت أن رأس بلادنا كمندوب عن الجماعة- في اطار حملة الافراج عن التكفيريين التي شملت العديد من الارهابيين في عام.2012 ليعود أبو فرج مجددا الي افغانستان حيث رفيق دربه الظواهري الذي عاد وارسله في عام2014 ليكون نائبا له في قيادة جبهة النصرة في سوريا!! تتوقف للحظات لتتساءل: أي عبث هذا؟ فأمريكا التي ترفض تصنيف روسيا لجبهة النصرة كجماعة ارهابية وتسمح للسعودية وقطر وتركيا بتمويلها وفقا لمقابلة أجرتها جريدة كولنر شتات انتسايفر الألمانية الاسبوع الماضي من خلال السياسي الألماني المعروف يورجين تودنهوفر مع أحد قادة جبهة النصرة في سوريا ويدعي ابو العز و اعترف فيها نصا بتمويل الولاياتالمتحدة ودعمها لهم مع بقية الدول سالفة الذكر بل تعاونهم مع اسرائيل لاتفاق الرؤية بينهما فيما يتعلق بابعاد الاسد, هي نفسها امريكا التي تقتل ابو فرج رغم تركها اياه لفترة ودعمها للجبهة التي تتبع القاعدة التي تحاربها أمريكا بل وقتلت زعيمها اسامة بن لادن والقت به في البحر!!! بالله عليكم أليس هذا بقمة العبث؟ ثم نذهب لتصريحات دي ميستورا التي تكمل العبث الاممي. فالرجل الذي ينوب عن المنظمة الدولية في علاج أزمة سوريا- أو هكذا يبدو للعالم- أعلن يوم الخميس عن مبادرة لإنهاء ازمة حلب تنص علي ذهابه بنفسه لإخراج مسلحي تنظيم النصرة من أحياء حلب الشرقية, والتوجه بهم لريف ادلب بدعوي الحرص علي المدنيين في المدينة التي يخشي عليها التدمير؟؟!!! محددا عدد مسلحي النصرة ب900 مسلح وبقية المعارضة المسلحة بعدد8000 مسلح؟!! لتتسائل عن تلك الدقة المعلوماتية في حصر المسلحين في حلب وكيف توصل لها المبعوث الأممي ميستورا؟ وتتساءل اكثر عن الدور الذي يقوم به اليوم وما اذا كان ايجاد حل لأزمة سوريا أم إنقاذ مسلحي أمريكا والسي اي ايه؟ ثم ألم يعلم ميستورا ان ابو فرج الذي قتلته امريكا قيادي النصرة نائب لزعيم القاعدة الحالي؟ فكيف إذا يمنحهم الحماية وهم ارهابيون مطلوبون؟!! أي عبث يا سادة؟ و عن أي معارضة يتحدثون؟ وأي فهم خاطيء للتغيير وأي فهم خاطيء للحكم؟ في بلد يدفع فيه المواطن ثمن تلك الصراعات العبثية بدعوي رحيل الدكتاتور. أي عبث في عالم تتلاشي انسانيته وتسقط عنه كل اوراق توت العالم لتظهر سوءاته بغيضه كاذبة مهما حاولت ادعاء القيم؟ اهدي تلك التساؤلات ولينك المقابلة مع القيادي من النصرة مع الصحيفة الألمانية للمغيبين والخائنين الذين مازالوا يصرخون عن جهل أو خيانة حلب تحترق وهم لا تعنيهم حلب ولا سوريا ولا العالم العربي بناسه وارضه بقدر ما تعنيهم مصالحهم. وانا مدركة ان ما أقوله لن يؤثر في رؤيتهم التي عميت ولكن عملا بالمبدأ القائل: اللهم بلغت...فاللهم فاشهد.