في تصعيد للوضع في سوريا طالب وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أمس بتحقيق حول جرائم حرب يستهدف النظام السوري وحليفته روسيا بعد ضربة جديدة علي مستشفي في مدينة حلب. وقال كيري الليلة الماضية هاجم النظام مجددا مستشفي حيث قتل20 شخصا واصيب مئة. علي روسيا والنظام ان يقدما للعالم أكثر من تفسير لأسباب عدم وقفهما ضرب مستشفيات وبني تحتية طبية إلي جانب أطفال ونساء وطالب في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الفرنسي جان مارك آيرولت بتحقيق ملائم بجرائم حرب ومن جانبها حثت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل روسيا أمس علي استخدام نفوذها علي الحكومة السورية لإنهاء القصف المدمر لحلب كما فتحت حكومتها الباب أمام إمكان فرض عقوبات علي روسيا لدورها في الصراع. وفي واحد من أشد تصريحاتها حتي الآن قالت ميركل إنه لا يوجد في القانون الدولي ما يبيح قصف المستشفيات وإن موسكو يجب أن تستخدم نفوذها علي الرئيس بشار الأسد لوقف قصف المدنيين. وقالت لحزبيين في مدينة مجدبورج لروسيا كثير من النفوذ علي الأسد. لا بد أن نوقف هذه الجرائم الفظيعة. وأضافت دون أن تتحدث مباشرة عن فرض عقوبات أن علي المجتمع الدولي أن يفعل كل ما بوسعه لوقف القتال وتسليم المساعدات للمدنيين. ودعت فرنسا وبريطانيا أمس الي وقف قصف مدينة حلب المحاصرة من قبل الطيران الروسي والسوري فيما افتتح مجلس الأمن الدولي اجتماعا طارئا حول الأزمة في سوريا. وقال السفير الفرنسي فرنسوا ديلاتر للصحفيين قبل دخوله قاعة المجلس لبدء الجلسة المغلقة ان الاولوية هي لوقف حمام الدم في حلب. ويواصل الجيش السوري تقدمه ببطء في الاحياء الشرقية المحاصرة من مدينة حلب, وسط وضع إنساني كارثي سيشكل محور اجتماع طارئ يعقده مجلس الأمن الدولي. ويأتي هذا الاجتماع غداة تحذير الموفد الدولي الخاص الي سوريا ستافان دي ميستورا من ان الاحياء الشرقية لحلب ستدمر بالكامل اذا استمرت وتيرة الهجمات علي حالها. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بسيطرة قوات النظام بعد منتصف الليل علي تلة في منطقة الشيخ سعيد وابنية سكنية في حي صلاح الدين المجاور في جنوب مدينة حلب, بعد هجوم موسع ضد الفصائل المقاتلة. وأشار الي معارك عنيفة مستمرة بين الطرفين علي محاور عدة في جنوبالمدينة وفي شمالها, وفي أحياء بستان الباشا وسليمان الحلبي وصلاح الدين التي تشكل ابرز خطوط المواجهات. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس تتقدم قوات النظام بشكل بطيء بسبب المقاومة الشرسة من الفصائل تحديدا في جنوبالمدينة. وتنفذ قوات النظام هجوما علي الأحياء الشرقية في حلب الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة منذ22 سبتمبر. وتعرضت الأحياء الشرقية علي مدي أسبوعين لغارات روسية وسورية كثيفة ادت الي مقتل اكثر من270 شخصا. وألحقت هذه الغارات دمارا هائلا بالأبنية وطالت المستشفيات. وترد الفصائل المعارضة علي الهجوم باطلاق القذائف علي الأحياء الغربية الواقعت تحت سيطرة قوات النظام. وأفاد التلفزيون السوري الرسمي بمقتل أربعة أشخاص من عائلة واحدة, هم زوج وزوجته وطفلان, بالإضافة الي إصابة ثمانية آخرين بجروج جراء قذائف استهدفت حي الميدان في غرب حلب. من جانبها أعلنت منظمة أطباء بلا حدود أن377 مدنيا علي الأقل قتلوا خلال الأسبوعين الأخيرين شرق مدينة حلب السورية جراء أعنف موجات القصف علي المدينة منذ بدء الحرب, وأن الرقم يقتصر فقط علي الضحايا الذين تم تسجيلهم بالمستشفيات. وقالت المنظمة الدولية- في تقرير صدر أمس بجنيف- إن ثمانية مستشفيات متبقية في شرق حلب تضررت بسبب ما يصل إلي23 هجوما تعرضت لها منذ بدء الحصار علي المدينة في يوليو الماضي, ونقلت عن شهود عيان في شرق المدينة السورية أن الحصول علي الرعاية الصحية في شرق حلب بات محدودا للغاية وخطرا في ذات الوقت. وأضافت أن المرفقين الصحيين اللذين تدعمهما ومنظمات أخري في شرق حلب والمختصين في الجراحة قد تعرضتا للأضرار بهما في هجمات لخمس مرات لكل منهما وخرج مرفق من الخدمة منذ أول أكتوبر الجاري. وقال رئيس بعثة أطباء بلا حدود في سوريا كارلوس فرانسيسكو- في البيان- إن الوضع في شرق حلب لا يطاق, كما إن العدد القليل للغاية من الأطباء الذين يقدرون علي إنقاذ الأرواح هناك يواجهون الموت أيضا, وإن مدير أحد المراكز الصحية التي تدعمها المنظمة وكذلك عائلته بالكامل والأطفال قتلوا في قصف بالبراميل المتفجرة. وأضاف أن جميع المستشفيات الثمانية في شرق حلب تنوء الآن مع أعداد كبيرة من جرحي الحرب, كما يموت الناس في المستشفيات, خاصة مع بقاء سبعة مستشفيات فقط قادرة علي إجراء العمليات الجراحية لجرحي الحرب في شرق المدينة الذي يوجد فيه أكثر من250 ألف نسمة. من جانبها حذرت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا من أن تغيير النظام في سوريا سيؤدي إلي عواقب أسوأ بكثير بالمقارنة مع ما حصل في العراق وليبيا. ونقلت قناة( روسيا اليوم) الإخبارية أمس عن زاخاروفا, خلال مشاركتها في المنتدي الأوروبي للدبلوماسيين الشباب المنعقد بموسكو- إذ سارت سوريا في السيناريو الليبي, وفق ما تصر عليه قوي كثيرة, فسيكون انفجارها أقوي مما كان في ليبيا. وستبدو كافة العمليات التي بدأت في المنطقة وخرجت عن حدودها- الإرهاب وتدفقات الهجرة- مزاحا بالمقارنة مع ما سيحصل في حال سمحنا بتنفيذ السيناريو الليبي أو العراقي في سوريا. وشددت قائلة: ستكون العواقب أسوأ بعشرات المرات بالمقارنة مع ما حصل قبل ذلك. وتساءلت المتحدثة حول الدوافع وراء المساعي لتغيير النظام في سوريا, علما بأن السيناريوهات المماثلة في المنطقة خلال العقدين الماضيين لم تؤد إلي أي نهايات سعيدة وأي نتائج إيجابية للدول التي وقعت فيها الأحداث ولواضعي السيناريوهات ومنفذيها. وبشأن الوضع الحالي في حلب, رفضت زاخاروفا أي مناقشات حول تصنيف تنظيم النصرة, وشددت علي أن المسألة ليست مرتبطة بموقف واشنطن من هذا التنظيم, بل بكون النصرة منظمة إرهابية مدرجة علي قائمة الإرهاب الدولية. واعتبرت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية أنه لا مجال لأي نقاش بهذا الشأن. من جانبه قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف, بأن روسيا مستعدة للطلب من الحكومة السورية الموافقة علي خروج مسلحي النصرة من حلب مع أسلحتهم حسب خطة المبعوث الأممي إلي سوريا ستيفان دي ميستورا. وأعلن وزير الخارجية الروسي, أن المسلحين الذين سيبقون في حلب بعد تنفيذ خطة المبعوث الأممي إلي سوريا, ستيفان دي ميستورا, يجب أن ينفصلوا بشكل واضح ودقيق عن تنظيم جبهة النصرة الإرهابي, مؤكدا أن ذلك يجب أن يكون مسجلا بشكل رسمي.. وفقا لوكالة أنباء سبوتنيك الروسية أمس. وقال لافروف في مقابلة مع القناة الأولي الروسية: يبرز سؤال بشأن النصف الآخر من المسلحين الذين اتحدوا مع النصرة طيلة هذه الأيام والأسابيع, ماذا سيحصل معهم؟ في حال أرادوا الرحيل مع أسلحتهم, نرحب بذلك. لا تبرز هنا أي تساؤلات. وفي حال أرادوا البقاء في المدينة, يجب الاتفاق حول كيفية التعامل مع هذه المشكلة. وتابع قائلا: ربما يجب الاتفاق علي أن المسلحين الذين لن يغادروا مع النصرة يجب أن ينفصلوا بشكل واضح عنها, بشكل خطي, وتوقيع هذا الالتزام رسميا. وأضاف الوزير الروسي: ربما ستتمكن الأجهزة الأمنية الحكومية, والمعارضة المسلحة بعد ذلك من تشكيل أجهزة أمنية مشتركة, من أجل الحفاظ علي الحياة الطبيعية هناك, ولكي يشعر السكان أنفسهم بأنهم في أمان.