تحدث أكثر من كاتب ومفكر أخيرا حول الأثر السلبي للزيادة السكانية في مصر وكيف أنها تلتهم جميع خطط التنمية. أتفق معهم تماما وكنت قد أشرت في مقالات سابقة الي الآثار السلبية التي نتجت وستنتج عن الانفجار السكاني وذكرت ان مصر دخلت بالفعل حيز الفقر المائي منذ اكثر من عقد من الزمان واذا استمرت الزيادة السكانية بمعدلها الحالي(2.5%) فسنصل الي المجاعة المائية بعد أربعة عقود حيث ستقل حصة الفرد عن250 متر مكعب في العام, تساءلت ايضا: ماذا سيكون حالنا عندما يصل تعداد الأطفال الي اكثر من مائة مليون طفل بعد ثلاثة او اربعة عقود من الآن. برغم ان تلك القضية تبدو واضحة للعيان, فقد آثار دهشتي وجهة نظر اخري تدافع عن الزيادة السكانية وتراها مصدر قوة, فهناك من يتهم الحكومات المتعاقبة انها تعلق فشلها علي شماعة الزيادة السكانية, وهناك من يتساءل لماذا نجحت دول اخري لديها أضعاف عددنا مثل الصين ناسين انه حتي عهد قريب كانت الصين قد حددت عدد المواليد بفرد واحد لكل أسرة, وهناك وجهة نظر تقول: لماذا ننظر الي كل مولود علي انه عالة وليس مشروعا لمخترع او يد منتجة؟, وهناك من يقول ان تحديد النسل مخالف للدين ويستشهد بالقرآن ولا تقتلوا اولادكم خشية إملاق وبحديث للرسول: تكاثروا, فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة. أود هنا ان أتعرض لوجهات النظر التي تدافع عن الزيادة السكانية وتوضيح الحقائق الآتية: أولا: الانفجار السكاني حقيقة لا علاقة لها بما يراه البعض أداء متواضعا للحكومة, بل ان عدم البحث جديا عن آليات للحد من الزيادة السكانية هو من وجهه نظر الكاتب احدي علامات الفشل. لقد رأينا بأعيننا مأساة رشيد وعلمنا ان من أسباب هجرة الشباب هو انعدام الأمل وعدم وجود فرص عمل. فلماذا يشكك البعض في حقيقة ان المزيد من المواليد في ظل ظروفنا التعليمية والاقتصادية المتدهورة تعني المزيد من البطالة والعشوائيات ومن أمثال حادث رشيد المؤسف؟ ثانيا: تحديد النسل غير الإجهاض او الوأد( في الجاهلية) وقد أثار الاستاذ وسيم السيسي في مقال له قصة من السيرة شديدة الاهمية حول هذا الموضوع وهي:( تذاكر الصحابة يوما في العزل وكان وقتها يتم بتعمد القذف خارج الرحم وعما اذا كان حلالا ام حراما. فقال احدهم: أعوذ بالله. انها الموءودة الصغري. فرد صحابي آخر: انها لا تكون موءودة الا اذا مرت علي التارات السبع: علقة.. ثم نطفة.. ثم لحما.. ثم عظاما( اي جنينا).. رد ابو بكر الصديق وقال: صدقت..أطال الله بقاءك). اذن فوسائل منع الحمل ليست حراما. كما ان الحديث الشريف يقول: اعقلها وتوكل وانتم اعلم بشئون دنياكم واللهم اني اعوذ بك من جهد البلاء وعندما سألوه: ما جهد البلاء يا رسول الله؟ قال: قلة المال وكثرة العيال!. الحل؟.. اعتمدت الدولة لفترة طويلة علي الحلول اللينة والتي تشمل التوعية وتوفير وسائل منع الحمل, لكن ربما آن الأوان للتفكير في حلول جذرية مثلما فعلت الصين ودول أخري. مؤخرا اثار مسئولون كبار بالدولة إمكانية وقف الإنجاب لفترة زمنية وأكد علماء الدين ان تحديد النسل من الإسلام. اعتقادي ان قرار وقف الإنجاب فكرة جيدة بشرط قصرها علي الطفل الثالث, بمعني ان كل أسرة لديها طفلان عليها التوقف عن الإنجاب لفترة زمنية تحددها الدولة. والله اعلم.