جميعنا في حاجة إلي أن نتعلم أبجديات الديمقراطية, والتدريب العملي والممارسة اليومية هي الوسيلة المثالية, وهنا تتأكد الحاجة إلي مدارس تعلمنا فضائل الديمقراطية وتجنبنا جوانبها السلبية. فضائل الديمقراطية تبدأ من الفرد, من أيمانه بذاته, بكرامته, بحريته, باستقلاله, بحقه في الفهم, ألا يكون تابعا ولا خاضعا ولا إمعة ولا جزءا من قطيع سارح في الخلاء يسوقه هذا أو يسوقه ذاك. نعم.. الفرد الحر هو نقطة الابتداء, لأن الديمقراطية تحتكم في نهاية المباراة إلي صندوق الانتخابات, أي إلي صوتك أنت كفرد, لا يوجد صوت مزدوج ولا ثلاثي ولا رباعي ولا عائلي ولا قبلي ولا صوت لشلة أو مجموعة.. المواطن في الديمقراطية, هو فرد له صوت انتخابي, هذا الصوت هو أداته للتعبير عن نفسه وعما يقبل به, وعما يعترض عليه, هو باختصار سلاح المواطن في أي مجتمع ديمقراطي حديث. الفرد يكون سيد قراره, وسيد مصيره, حين يمتلك صوته الانتخابي, ومن مجموع هذه الأصوات, تتكون الإرادة الشعبية, ومن خلاصتها يتأكد المعني الحديث, وهو أن السيادة للشعب, ليست لحاكم فرد, ولا لأقلية ولا لبطانة كائنة ما كانت. الديمقراطية في التجارب الناشئة, تكون مثل نبات يقف ضعيفا في مواجهة تقلبات الطقس من برد وحر وعواصف وجفاف ومطر, ويكون معرضا للحشرات والطفيليات, ولهذا فإنه يكون في مسيس الحاجة إلي الرعاية والعناية علي أيدي ماهرة محترفة وذات خبرة, ولا يصلح الهواة ولا المتطفلون ولا الذين يتصدرون للمهام وهم بمخاطرها جاهلون. ليس عيبا أن نعترف بأننا علي أول طريق الديمقراطية المفتوحة بلا حدود ولا سقوف, بعد أن سقطت الديمقراطية المكبلة والمقيدة والتي تطورت إلي نوع من الاستبداد المطلق. هذه الديمقراطية الناشئة, هي ناشئة في الواقع, وناشئة في نفوسنا أيضا, ومن ثم نحتاج إلي رعايتها علي أرض الميدان, مثلما نحن ملزمون بغرسها في نفوسنا. أتمني من الجميع أن نتحلي بقدر من التواضع وعدم الاندفاع, الديمقراطية تمثل لنا تحديا يحتاج إلي استعدادات تفوق الطاقة حتي هذه اللحظة.