قيل قديما إن أسهل طريق إلي نقطتين هو الخط المستقيم, وبالفعل, إذا أردنا أن نصل إلي أهدافنا أيا كانت, فيمكننا أن نسلك أكثر من طريق, ولكن أسهلها علي الإطلاق هو الوضوح والبساطة. وللأسف كثير من الناس لا يجدون أنفسهم إلا في الطرق المتعرجة, ودائما ما يدورون حول أهدافهم بكل الوسائل الملتوية; ظنا منهم أن الحياة لا يمكن أن تسير إلا بهذا الأسلوب, ويبررون تصرفاتهم بمدي صعوبة الحياة وقسوتها, وعدم وضوح من حولهم من البشر, والغريب أن هذه النوعية من البشر دائما عندما تقع في أي اختيار قاس لا تؤمن بأن النجاة تكمن في البساطة والتفكير السوي المستقيم, وينحازون إلي فكرة المستحيل, وأن طريق نجاتهم مختبئ في مكان مظلم, لا يمكن الوصول إليه إلا بتفكير يعتريه الدهاء.فقد حكم علي أحد السجناء في عصر لويس الرابع عشر بالإعدام, وكان مسجونا في جناح القلعة, ولم يتبق علي موعد إعدامه سوي ليلة واحدة, وفي تلك الليلة فوجئ السجين بباب الزنزانة يفتح, ويدخل عليه لويس مع حرسه ليقول له:قررت أن أعطيك فرصة إن نجحت في استغلالها فبإمكانك أن تنجو! هناك مخرج موجود في زنزانتك بدون حراسة, إن تمكنت من العثور عليه يمكنك الخروج والنجاة, وإن لم تتمكن فإن الحراس سيأتون غدا مع شروق الشمس لتنفيذ حكم الإعدام, وغادر الحراس الزنزانة مع الإمبراطور بعد أن فكوا سلاسله, وبدأت المحاولات, فبدأ يفتش في الجناح الذي سجن فيه, ولاح له الأمل, عندما اكتشف غطاء فتحة مغطاة بسجادة بالية علي الأرض, وما إن فتحها حتي وجدها تؤدي إلي سلم ينزل إلي سرداب سفلي, وهكذا ظل يدخل من نفق ويخرج من آخر دون أن يجد منفذا للهرب, حتي طلع عليه الصباح ووجد نفسه أمام الإمبراطور يطل عليه من الباب, ويقول له:أراك مازلت هنا!..فقال السجين:كنت أتوقع أنك صادق معي أيها الإمبراطور!..فقال له الإمبراطور:لقد كنت صادقا!..فسأله السجين:لم أترك بقعة في الزنزانة لم أحاول فيها, فأين المخرج الذي أخبرتني عنه؟..فرد الإمبراطور:لقد كان باب الزنزانة مفتوحا وغير مغلق!.فالغريب أن هذا السجين فكر في كل المنافذ والسراديب المظلمة والصعبة; ظنا منه أن النجاة طريقها وعر وصعب, وأنها تحتاج إلي تفكير ماكر, في حين أنه لو كان فكر بطريقة مستقيمة, كان سيسلك أسهل طريق, وهو محاولة فتح باب الزنزانة. فإذا فكرنا سنجد أننا دائما نصعب الأمور علي أنفسنا, فأحيانا نفكر أننا لو اجتزنا الامتحان بالغش سيكون الأمر أسهل كثيرا من استذكار الدروس, في حين أننا لو فكرنا بعقلانية سنكتشف أن المجهود العضلي المبذول في الغش والمجهود العصبي والمجازفة في حد ذاتها, والتي لا يمكن استدراك عواقبها أصعب كثيرا من المجهود البسيط المبذول في المذاكرة, وأيضا من يستخدم وسائل التملق والنفاق لكي يصل إلي أهدافه, فلو أنه ركز قليلا سيدرك أنه لو بذل الجهد المطلوب في إثبات ذاته, قد يصل في وقت أطول, ولكنه سيرسخ قدمه في المكان الذي وصل إليه, أما التملق فبالقطع سيجد من هم أجدر منه في استخدامه, وسيطيحون به في أقرب وقت.للأسف, نحن من نبحث عن الصعوبات, ونترك الحلول السهلة, فعقولنا دائما تهدينا إلي أن الحياة بطبيعتها ليست بسيطة أو سهلة, فكيف نتعامل معها بسذاجة؟ ولكن في الواقع, هذا التفكير خاطئ; لأن الحياة تحتاج إلي عقل متزن, له القدرة علي استيعابها وإدراك متغيراتها, أما الصعوبات, فهي كامنة بداخلنا, فنحن من نزرعها ونرويها ونحصد ثمارها من تفكير مشتت حائر, فلو ركزنا سنجد أن باب الحياة مفتوح, فلماذا نبحث عن السراديب؟!