علي مدي الثلاث سنوات الماضية حولت الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلف شمال الاطلنطي( الناتو) تركيزهما علي التهديدات الأقرب الي قلب أوروبا وأهمها روسيا, والتحديات المرتبطة باستمرار حالة عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا, وهذه التهديدات متسعة ومعقدة ولم يسبق لها مثيل منذ الحرب العالمية الثانية خاصة فيما يتعلق بالإرهاب العابر للحدود. وذكرت مجلة( فورين أفيرز) الأمريكية أنه بعد عام1998 زادت روسيا من نفقاتها العسكرية, وبدأت تتدخل في شئون جيرانها, فعلي سبيل المثال علقت موسكو امدادات الغاز الي أوكرانيا عدة مرات في السنوات التي تلت الثورة البرتقالية من2004 الي.2005 كما تدخلت أخيرا في شرق أوكرانيا وضمت شبه جزيرة القرم, وكل ذلك لمعاقبة الدول المجاورة لها علي اقترابها من الغرب وهو الأمر الذي يهدد الأمن القومي الروسي, وقامت موسكو برعاية الاحتجاجات ضد الحكومة الموالية للغرب في كييف, كما تدخلت في سوريا لدعم نظام الرئيس بشار الأسد. فموسكو بدت عازمة علي إعادة ما تعتبره المجال الشرعي لنفوذها من خلال تقويض حلف الناتو, واستعادة مكانتها التي فقدتها في أعقاب الحرب الباردة, حيث أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن انهيار الاتحاد السوفيتي يعد أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين. وذكرت فورين أفيرز أنه علي الرغم من التنامي المتزايد لروسيا لا توجد استجابة عسكرية سريعة لشن عدوان علني علي روسيا من خلال( الناتو) ومن وراءه أمريكا. فقد انخفضت ميزانية الدفاع الأمريكية في أعقاب نزيف حربي العراق وأفغانستان بما يسمح لروسيا بالمزيد من التحرك وفرض النفوذ في الشرق الأوسط. وقد أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما مبادرة( الاطمئنان الأوروبية) لإظهار التزام واشنطن بأمن وسلامة أراضي الدول الأوروبية في أعقاب تدخل روسيا في أوكرانيا وذلك بنحو985 مليون دولار في2015 ومبلغ اضافي قدره789 مليون دولار خلال العام الحالي. كما مولت أمريكا مبادرة التدريبات العسكرية المتعددة الأطراف في أوروبا ونشرت المزيد من القوات الأمريكية في القارة, الي جانب نشر المزيد من المعدات بما في ذلك المدفعية والدبابات في وسط وشرق أوروبا. وطلب أوباما زيادة التمويل في السنة المالية2017 الي3 مليارات و400 مليون دولار لتحسين قدرة أمريكا والناتو علي ردع روسيا. ووافق حلف الناتو منذ عام2014 علي خطة للتدريبات العسكرية والدوريات الجوية فوق دول البلطيق لطمأنة دول حلف الناتو من خلال اظهار الجاهزية لردع العدوان الروسي المحتمل. وفي عام2015 أنشأ حلف الناتو مقرين جديدين له في بولندا ورومانيا لتكونا بمثابة رادع للأعداء ومراقبة حالة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وأثبت التدخل الروسي في سوريا أن موسكو ستسعي للاستفادة من كل الفرص لتوسيع نفوذها في الخارج حيث تعتبر علاقتها مع الغرب لعبة محصلتها صفر. ويري معهد الشرق الأوسط أن حكومة الرئيس الروسي بوتين ستبذل كل ما في وسعها لعدم السماح لاي دولة مجاورة لتطوير علاقتها مع الغرب أو الاتجاه نحو العضوية في الاتحاد الأوروبي أو حلف الناتو. ولذا ستبذل روسيا كل ما في وسعها لزرع عدم الاستقرار في دول مثل جورجيا ومولدوفا وأوكرانيا. وأظهرت روسيا أنها يمكنها أن تتسبب في قلق سياسي وعسكري لواشنطن وحلفائها بأقل جهد ممكن وبتكلفة قليلة نسبيا وحتي الآن تنحصر أفعال الناتو وأمريكا علي رد الفعل بدلا من الخطوات الاستباقية لردع النفوذ الروسي. من جانبه ذكر موقع( جلوبال ريسيرش) أنه منذ عهد الرئيس الأمريكي بيل كلينتون يقود حلف( الناتو) حربا عدائية ويرتكب جرائم حرب بزعامة الولاياتالمتحدةالأمريكية, وتحت لافتة( الناتو) تم غزو عدد من الدول وقصفها والإطاحة بحكوماتها من خلال أمريكا التي تعمل تحت غطاء الناتو, والغريب أن تلك الدول التي تم غزوها لم تكن تمثل أي تهديد للناتو مثل ليبيا علي سبيل المثال. وتحت بند( الأعمال العدائية الروسية) تم نشر نحو4 آلاف جندي من قوات الناتو في دول البلطيق وبولندا تحسبا لاي تهديدات من جانب روسيا. كما تحرص أمريكا علي تعزيز تواجدها في دول شرق ووسط أوروبا. وفعلت ادارات كل من الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون, والسابق جورج بوش والحالي باراك أوباما كل ما في وسعهم لزيادة التوترات بين القوتين النوويتين أمريكاوروسيا. كلينتون حرك قوات الناتو الي الحدود الروسية, وبوش انسحب من معاهدة الحد من الأسلحة النووية أما أوباما فيعتزم نشر صواريخ نووية علي حدود روسيا في بولندا ورومانيا وذلك بهدف حرمان روسيا من قاعدتها البحرية علي البحر الأسود في شبه جزيرة القرم. وذكر الموقع أن الصواريخ الباليستية الأمريكية في بولندا ورومانيا من الممكن أن تتغير سرا بصواريخ هجوم نووية تستطيع ضرب الأهداف الروسية في أقل من5 دقائق مما يهدد بحرب نووية بين روسيا ودول حلف الناتو التي تحركها الولاياتالمتحدة.